"علينا أن نتأمّل حول نهاية العالم وإنّما أيضًا حول نهاية حياة كلِّ فردٍ منّا" هذه هي الدّعوة التي توجّهها الكنيسة لنا اليوم أيضًا من خلال إنجيل القدّيس لوقا والذي تمحورت حوله عظة الأب الأقدس في القدّاس الذي ترأسه صباح يوم الجمعة في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.
يقدّم لنا نصّ الإنجيل قول يَسوعُ لِلتَّلاميذ: "كَما حَدَثَ في أَيّامِ نوح، فَكَذَلِكَ يَحدُثُ في أَيّامِ ابنِ الإِنسان. كانَ النّاسُ يَأكُلونَ وَيَشرَبون، وَالرِّجالُ يَتَزَوَّجونَ وَالنِّساءُ يُزَوَّجنَ، إِلى يَومِ دَخَلَ نوحٌ الفُلكَ، فَجاءَ الطّوفانُ وَأَهلَكَهُم أَجمَعين".... أي إلى أن يأتي يوم ظهور الرّبّ حيث تتغيّر الأمور.
الكنيسة هي أمّ وتريد أن يفكّر كلُّ فردٍ منّا بلحظة موته. لقد اعتدنا جميعنا على وتيرة الحياة الطبيعيّة، جداول عمل والتزامات وأوقات راحة ونعتبر أنّ الأمور ستستمرّ على هذا النحو ولكن يأتي يوم سنسمع فيه دعوة يسوع الذي سيقول لنا "تعال!".
قد تكون هذه الدّعوة للبعض مفاجأة أو قد تأتي بالنسبة للبعض الآخر بعد مرض طويل، لا يُمكننا أن نعرف ولكن هذه الدّعوة ستأتي، وستكون مفاجأة ولكن ستليها مفاجأة الرّب الأخرى وهي الحياة الأبديّة. لذلك وخلال هذه الأيّام تدعونا الكنيسة قائلة: "توقّف قليلاً لتتأمّل حول الموت".
تابع الحبر الأعظم واصفًا ما يحصل عادة عند الموت وأشار إلى أنّ المشاركة في مراسم الدفن أو الذهاب إلى المقبرة قد يصبحان مجرّد حدث إجتماعيّ نتبادل فيهما الأحاديث مع الأشخاص الآخرين، ويتحوّل الأمر إلى نوع من اللقاء لكي لا نفكِّر. أمّا اليوم يقول لنا الرَّبّ وتقول لنا الكنيسة بتلك الطيبة التي تميّزهما "توقّف! توقّف لأنّ الأيّام لن تكون كلّها هكذا"، وبالتالي لا تعتَد عليها كما ولو أنّها الأبديّة، لأنّه سيأتي يوم ستُقبَضُ فيه ويبقى الآخر. إنّه الذهاب مع الرَّب وسيفيدنا أن نتأمّل في واقع أنّ حياتنا ستنتهي.
سيفيدنا هذا الأمر في بداية يوم عمل جديد، إذ يمكننا أن نفكّر، على سبيل المثال، "قد يكون اليوم آخر يوم في حياتي لست أدري ولكنّني سأقوم بعملي بشكلٍ جيّد" وهكذا أيضًا في العلاقات العائليّة أو عندما نذهب إلى الطبيب ليعايننا.
إنَّ التأمل بالموت ليس أمرًا سيئًا بل هو واقع، وإن كنت أراه سيئًا أم لا فهذا الأمر يتعلّق في طريقتي للتعامل مع الأمور ولكن هذا اليوم سيأتي، وسيتمّ فيه لقاؤنا مع الرَّبّ وهذا هو جمال الموت اللقاء مع الربّ لأنّه سيأتي للقائنا وسيقول لنا "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوتَ المعدَّ لكم".
عندما سيدعونا الرَّبُّ لن يكون لدينا الوقت الكافي لننظِّم أمورنا وأشار البابا في هذا السياق إلى ما أخبره به أحد الكهنة المسنين الذي يعاني من مرض خطير عن كيفيّة مرافقة الطبيب له إذ وعده بأن يقوم بما بإمكانه ليرافقه حتى النهاية، وبالتالي حثّ الأب الأقدس المؤمنين كي يرافقوا بعضهم البعض فاعلين ما بإمكانهم وإنّما محدقين النظر على الدوام بذلك اليوم الذي سيأتي الرَّبُّ فيه ليأخذنا إليه.
إذاعة الفاتيكان.