"المسيحيّ لا يُخدِّر الألم، بل يعيشه في الرّجاء بأن الله سيمنحنا فرحًا لا يمكن لأحد أن يسلبنا إيّاه" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.
في إنجيل يوحنّا (16/ 20-23) وقبل آلامه يحذّر يسوع تلاميذه ويقول لهم: "ستَبكون وتَنتَحِبون، وأَمَّا العاَلمُ فَيَفَرح. ستَحزَنون ولكِنَّ حُزنكم سيَنقَلِبُ فَرَحًا" وليشرح لهم معنى قوله يستعمل صورة المرأة عندما تلد ويقول لهم: "إِنَّ المرأَةَ تَحزَنُ عِندما تَلِد لأَنَّ ساعتَها حانَت. فإِذا وَضَعتِ الطَّفْلَ لا تَذكُرُ شِدَّتَها بَعدَ ذلك لِفَرَحِها بِأَن قد وُلِدَ إِنسانٌ في العالَم". فهي ترجو في الألم وتبتهج في الفرح!
هذا ما يفعله الفرح والرّجاء معًا في حياتنا عندما نكون في شدّة أو في صعوبة أو عندما نتألّم. ليس تخديرًا، لا! فالألم يبقى ألمًا ولكنّه يُعاش بفرح ورجاء يفتح لك الباب على فرح ثمرة جديدة. لذلك ينبغي على هذه الصورة التي يستعملها الرّب أن تساعدنا في الصعوبات القاسية وتلك التي تجعلنا أحيانًا نشكّك في إيماننا...
لكن بواسطة الفرح والرّجاء يمكننا أن نسير قدمًا، لأنّه وبعد العاصفة، وعلى مثال المرأة التي تلد، تأتي حياة جديدة. وهذا الفرح وهذا الرّجاء يقول يسوع إنّهما أزليَّان ولا يُمكن لأحد أن يسلبنا إيّاهما.
أضاف البابا فرنسيس يقول الفرح والرّجاء يسيران معًا.
فالفرح بدون الرّجاء هو مجرّد تسلية عابرة، والرّجاء بدون فرح ليس رجاء وإنّما مجرّد إيجابيّة سليمة. أمّا الفرح والرّجاء الحقيقيّين فهما يسيران معًا، ومعًا ويفيضان في الكنيسة فتصرخ في الليتورجيّة بدون أي تكلّف: تبتهج كنيستك وتهتزُّ فرحًا! لأنّه حيث يكون الفرح قويًّا لا وجود للتكلُّف!
يقول لنا الرّب أنّنا سنواجه صعوبات في الحياة، وبالتالي فهذا الفرح وهذا الرّجاء ليسا مهرجانًا؛ لا! فالفرح يعزّز الرّجاء والرّجاء يزهر بالفرح وهكذا نسير إلى الأمام. فهاتان الفضيلتان المسيحيّتان هما علامة لخروجنا من ذواتنا. فالفرح لا ينغلق على ذاته، والرّجاء يحملك أبعد من الواقع.
يمكن للفرح البشريّ أن ينتهي أو يمكن لأحد ما أن يسلبنا إيّاه لكن يسوع يريد أن يعطينا فرحًا أبديًّا لا يمكن لأحد أن يسلبنا إيّاه، إنّه فرح يدوم حتى في الأوقات المظلمة والصعبة. هذا ما حصل عند صعود الرَّبّ، فالتلاميذ قد حزنوا عندما ارتفع يسوع عنهم ولم يعودوا قادرين على رؤيته، ولكن يخبرنا الإنجيليّ لوقا أنّهم رَجَعوا إِلى أُورَشَليم وهُم في فَرَحٍ عَظيم، إنّه فرح المعرفة بأنّ بشريّتنا قد دخلت إلى السّماء. وبالتالي يصبح رجاء العيش في انتظار ملاقاة الرَّبّ، فرحًا يغمر الكنيسة بأسرها.
ليمنحنا الرَّبّ نعمة هذا الفرح الكبير الذي يكون عبارة عن الرّجاء، ورجاء قويًّا يصبح فرحًا في حياتنا، وليحفظنا الرَّبُّ في هذا الفرح وهذا الرّجاء فلا يقدرنَّ أحد أن ينتزعهما منّا!
إذاعة الفاتيكان.