إن الله قد خلق الرجل على صورته وجعله سيّدًا على الأرض، وأعطاه امرأة إلى جانبه ليحبّها. هذه هي العطايا التي منحها الله للإنسان بالخلق والتي تمحورت حولها عظة البابا فرنسيس في القداس الإلهي الذي احتفل بها صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وحثَّ المؤمنين على طلب النعمة لنحرس هذه العطايا ونسير قدمًا في التزامنا اليومي.
"ما الإِنسانُ فَتُجرِيَ لَهُ ذِكرا؟ دونَ المَلائِكَةِ بِقَليلٍ خَلَقتَهُ بِالمَجدِ وَالكَرامَةِ كَلَّلتَهُ" استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا المزمور الثامن ومن سفر التكوين (4a-1:2.31-25b.24a-20:1) ليتوقّف في تأمّله الصباحي عند الدهشة لحنان ومحبّة الله الذي أعطى للإنسان، في الخليقة، كل شيء.
توقّف الأب الأقدس عند ثلاثة عطايا انطلاقًا من هويّة الإنسان وقال لقد أعطانا الله أولاً الـ "الحمض النووي" أي جعلنا أبناء؛ خلقنا على صورته ومثاله. وعندما ينجب الإنسان ابنًا لا يمكنه العودة إلى الوراء لأن الابن قد ولد، قد يشبه أباه أحيانًا أو قد لا يشبهه ولكنّه ابنه ومنه نال هويّته. وإن أصبح الابن شخصًا صالحًا يفتخر الأب بذاك الابن؛ وإن لم يكن جميلاً جدًّا يبقى الأجمل بالنسبة له فهكذا هو الأب وإن كانت تصرّفاته سيئة يبرّره الأب على الدوام وينتظره... لقد علّمنا يسوع كيف ينتظر الأب أبناءه. لقد أعطانا هويّة الأبناء هذه أولاً رجل أو امرأة ومن ثمّ ينبغي علينا أن نضيف إليها أبناء. ونحن "كالآلهة" لأننا أبناء الله.
أمّا عطيّة الله الثانية في الخلق فهي نوع من الواجب أو المهمّة. لقد أعطانا الأرض كلها لنُخضعها ونتسلّط عليها كما يخبرنا سفر التكوين. وبالتالي فهذه العطيّة التي أُعطيت للإنسان هي نوع من الملوكيّة لأن الله لا يريده عبدًا بل سيّدًا وملكًا ويمنحه أيضًا مهمّة: فكما عمل هو ليخلق الأرض أعطانا نحن أيضًا عملاً وهو أن نهتمّ بالخليقة وألا ندمّرها، أن نجعلها تنمو ونعتني بها ونحرسها.
إنّه لأمر غريب بعض الشيء لأنه لم يعطنا المال ومع ذلك لدينا كلّ شيء. فمن أعطانا المال إذًا؟ لا أعرف! هناك قول تردده الجدات: "إن الشيطان يدخل من الجيب..." من الممكن! أمّا عطيّة الله فهي الخليقة التي منحنا إياها لنحرسها ونعتني بها.
وفي النهاية، خلق الله الإنسان على صورته، "ذَكَرًا وَأُنثى خَلَقَهُم"، وهذه هي العطيّة الثالثة والأخيرة، وتوقّف البابا في هذا السياق عند الحب الذي يجمع الرجل والمرأة وقال "ذَكَرًا وَأُنثى خَلَقَهُم..." لقد رأى أنه لم يكن من الحسن أن يبقى الرجل وحده فصنع له رفيقة. لقد أعطى الله-المحبّة الحب للإنسان وهكذا ولد أول حوار حب بين رجل وامرأة.
لنشكر الرب على عطاياه الثلاثة التي منحنا إياها: الهويّة والمهمّة-العطيّة والحب، ولنطلب نعمة الحفاظ على هويّة الأبناء هذه ونعمة السير في المهمّة التي يوكلنا الله إياها ونعمة أن نتعلّم أن نُحب أكثر يومًا بعد يوم.
إذاعة الفاتيكان.