"النبيّ الحقيقيّ قادر على البكاء على الشَّعب الذي لا يُصغي إليه" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدَّاس الإلهيّ صباح يوم الثلاثاء في كابلة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان والتي تمحورت حول القدِّيس اسطفانوس وقال إنَّ الكنيسة بحاجة لأن نكون جميعًا أنبياء لنعزِّز انتماءنا إلى الله.
استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من أعمال الرُّسل (7/ 51-60) وقال: "يا غِلاظَ الرِّقاب، ويا غُلْفَ القُلوبِ والآذان، إِنَّكُم تُقاوِمونَ الرُّوحَ القُدُسَ دائمًا أَبَدًا" بهذه الكلمات توجّه اسطفانوس للشَّعبِ والشُّيوخِ والكَتَبَة الذين قادوه إلى المحكمة، لقد كانت قلوبهم مغلقة وما كانوا يريدون أن يصغوا إليه ولا كانوا يذكرون تاريخ إسرائيل. وكما اضطهد آباؤهم الأنبياء هكذا هجم هؤلاء على اسطفانوس هَجمَةَ رَجُلٍ واحِد، فدَفعوهُ إِلى خارِجِ المَدينة وأَخَذوا يَرجُمونَه.
عندما يصل النبيّ إلى الحقيقة ويلمس القلب ينفتح القلب أو يتحجّر ويطلق العنان للغضب والاضطهاد. هكذا تنتهي حياة النبيّ؛ لأنّ الحقيقة مزعجة وغالبًا ما لا يُطاق سماعها وقد واجه الأنبياء على الدَّوام مشاكل الاضطهاد بسبب قولهم للحقيقة. لكن ما هي العلامة بأنَّ النبيّ الذي يتكلّم يقول الحقيقة؟ هي عندما يكون هذا النبيّ قادرًا لا أن يقول الحقيقة وحسب بل أن يبكي على الشَّعب الذي ترك الحقيقة. ويسوع من جهَّة يوبِّخ بتلك الكلمات القاسية: "جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ" ولكنّه بكى على أورشليم من جهَّة أخرى. هذه هي العلامة. إنَّ النبيّ الحقيقيّ هو ذلك القادر على البكاء على شعبه وأن يقول الأشياء القاسية عندما يتوجّب عليه قولها، وبالتالي فهو ليس فاترًا بل يقول الأمور كما هي وبشكلٍ مباشر.
لكن النبيّ الحقيقيّ أيضًا ليس نبيّ بلاء وإنَّما نبيّ رجاء فهو يفتح الأبواب ويشفي الجذور وانتماء الشَّعب لكي يسير قدمًا وبالتالي فرسالته ليست التوبيخ وحسب لا إنّه رجل رجاء؛ يوبِّخ عند الضرورة ولكنّه يُشرِّع الأبواب لينظر إلى أفق الرَّجاء. ولكن إن تمّم النبيّ الحقيقيّ رسالته بشكل كامل فهو يخاطر بحياته. هكذا مات اسطفانوس تحت نظر شاول لأنّه كان صادقًا مع الحقيقة ولكنَّ دمّ الشّهداء هو بذرة مسيحيِّين كما كان آباء الكنيسة الأولون يقولون.
الكنيسة تحتاج للأنبياء، لا بل تحتاج لأن نكون جميعًا أنبياء، لا ناقدون لا يعجبهم شيئًا. النبيّ هو الذي يصلّي وينظر إلى الله وشعبه ويتألّم ويبكي عندما يخطأ شعبه؛ نعم هو قادر على البكاء وإنّما أيضًا على المخاطرة بحياته في سبيل قول الحقيقة. وخلص البابا إلى القول لا تنقصنَّ أبدًا في الكنيسة خدمة النبوءة هذه لكي تسير دائمًا نحو الأمام.
إذاعة الفاتيكان.