استقبل قداسة البابا فرنسيس في القصر الرسوليّ وفدا من منتدى جمعيَّات العائلات في إيطاليا. وسلَّم قداسته أعضاء الوفد كلمة وجَّه فيها التحية للجميع، وقال إنَّ هذا اللقاء يوفر له فرصة التعرف عن قرب على هذا المنتدى الذي تأسَّس 25 سنة مضت ويجمع أكثر من 500 جمعيَّة في شبكة توضح جمال الشركة، ووصف المنتدى بعائلة عائلات توفر لأعضائها إمكانيَّة فرح العيش معَّا من جهّة، والالتزام من أجل الخير العامّ من جهَّة أخرى.
ثمَّ تحدَّث قداسته عن العائلة والتي هي في مركز مخطّط الله، والذي يصبح فيه الرَّجل والمرأة، وبفضل ما يجمعهما من تكامل ومحبَّة، متعاونَين مع الخالق الذي يوكل إليهما مهمّة ولادة مخلوقات جديدة والاهتمام بنموِّها وتربيتها.
محبَّة يسوع للأطفال وعلاقته البنويَّة مع الآب السَّماوي، ودفاعه عن رباط الزواج الذي أعلنه مقدَّسًا ولا يمكن حلّه، توضح كلّها موقع العائلة في مخطط الله. فالعائلة باعتبارها مهد الحياة هي المكان الأوّل للاستقبال والمحبّة، ولها دور أساسيّ في دعوة الإنسان. وشبَّه الأب الأقدس العائلة بنافذة مفتوحة على سرِّ الله.
ثمّ توقَّف الحبر الأعظم عند عالم اليوم الذي يُسيِّرُه غالبا منطق الفردانيَّة والأنانيَّة، ويفقد حسّ جمال الروابط الثابتة والالتزام إزاء الأشخاص، والعناية غير المشروطة وتحمُّل المسؤوليّة من أجل الآخرين، المجانيَّة وهبة الذات.
ولهذا، يصعب على هذا العالم فهم قيمة العائلة وينظر إليها بنفس ذلك المنطق الذي يفضِّل الفرد لا العلاقات والخير العام، وهذا رغم تميز العائلة خلال سنوات الأزمة الاقتصاديَّة الأخيرة بقدرتها على إعادة توزيع الموارد حسب حاجة كلّ شخص.
الاعتراف الكامل بالعائلة ودورها ودعم العائلة هو المصلحة الأولى للمؤسَّسات المدنيَّة المدعوَّة لدعم تأسيس ونمو عائلات قوِّية، تتمتَّع بالصفاء، تهتمّ بتربية الأبناء وأوضاع الضعف. وأكَّد قداسته في هذا السياق أن تحقيق هدف دعم العائلة وتثمينها يستدعي التحسيس والحوار، وهذا هو الالتزام الذي يواصله منتدى جمعيَّات العائلات منذ تأسيسه. وأضاف أن المنتدى نجح في إقامة علاقة ثقة وتعاون مع المؤسَّسات، وحثّ ضيوفه بالتالي على مواصلة هذا العمل عبر تقديم مبادرات توضح جمال العائلة وتجبِر، بفضل كونها مقنِعة، على الاعتراف بأهميَّة العائلة وقيمتها الثمينة.
وواصل قداسة البابا دعوته مشجعًا أعضاء الوفد على الشَّهادة لفرح الحبّ الذي تحدَّث عنه قداسته في الإرشاد الرَّسوليّ الذي يحمل هذا العنوان، والذي جمع فيه ثمار المسيرة السينودسيَّة حول العائلة. حثَّ قداسته أيضًا على الانطلاق من القوَّة مذكِّرا بكلمات بولس الرَّسول في رسالته الثانية إلى طيموتاوس "إِنَّ اللهَ لم يُعطِنا رُوحَ الخَوف، بل رُوحَ القُوَّةِ والمَحبَّةِ والفِطنَة" (2 طيم 1، 7)، هذا هو الأسلوب الذي دعا إليه قداسته الكنيسة بكاملها منذ إصداره الإرشاد الرسوليّ "فرح الإنجيل". ومن بين ما دعا إليه الحبر الأعظم منتدى جمعيَّات العائلات مواصلة العمل في المدارس من أجل مشاركةٍ أكبر للوالدين، وأيضا تشجيع زيادة المواليد في إيطاليا، ولفت أنظار المؤسَّسات والرَّأي العامّ إلى أهميَّة تبَني سياسات أكثر انفتاحًا على عطيّة الأبناء.
ثمّ ختم قداسة البابا مشدَّدًا على تأكيد العاملين في منتدى جمعيَّات العائلات خلال نشاطهم أن عملهم هذا يقوم على كرامة الشّخص البشريّ، وأن القضايا المرتبطة بالعائلة ليست دينيَّة الطابع، ويمكن بالتالي للجميع مقاسمتها.
إذاعة الفاتيكان.