"يعلّمنا صليب يسوع أنَّ هناك في الحياة الفشل والانتصار، وألا نخاف من الأوقات الصعبة لأنّها قد تستنير بنور الصّليب، علامة انتصار الله على الشرّ. شرٌّ وهو الشيطان الذي دُمِّر وكُبِّل بالسلاسل ولكنّه لا يزال "ينبح" وإن اقتربتَ منه فسيدمِّرك" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح يوم الجمعة في كابلة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان في عيد ارتفاع الصّليب المقدّس.
تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ التأمّل في الصّليب، علامة المسيحيّ، هو بالنسبة لنا تأمّل في علامة فشل وإنّما في الوقت عينه تأمّل في علامة انتصار. ففي الصَّليب يجد الفشل كلّ ما كان يسوع قد فعله في حياته وينتهي رجاء جميع الأشخاص الذين تبعوه. لكن لا يجب أن نخاف من التأمّل في الصَّليب كلحظة انهزام وفشل. عندما يتأمّل القدّيس بولس حول سرِّ يسوع المسيح هو يقول أمورًا قويّة يقول لنا إنَّ يسوع تجرّد من ذاته ووضع نفسه وصار خطيئة ليحمل خطيئتنا وخطيئة العالم بأسره. إن َّ بولس لم يخف من إظهار هذا الفشل ويمكن لهذا الأمر أن ينير اللّحظات الصعبة التي نعيشها وأوقات الفشل، لكنَّ الصليب بالنسبة لنا نحن المسيحيِّين هو أيضًا علامة إنتصار.
في القراءة من سفر العدد (21 / 6) نقرأ حول خروج الشعب اليهوديّ الذي كان يتذمّر على الله وعلى موسى؛ فأرسل الرَّبُّ عَلَى الشَّعبِ الحَيَّاتِ المُحرِقَةَ، فَلَدَغَتِ الشَّعبَ، فَمَاتَ قَومٌ كَثِيرُونَ مِن إِسرَائِيلَ. وهذا الأمر يذكّر بالحيّة القديمة، بالشيطان، المُتَّهِم الكبير. ولكن تقول النبوءة أنَّ ما كان يُسبب الموت عندما رُفع بدأ يعطي الخلاص. في الواقع إنَّ يسوع الذي جعل من نفسه خطيئة قد غلب صانع الخطيئة وانتصر على الحيّة. إن الشيطان كان سعيدًا جدًّا يوم جمعة الآلام لدرجة أنّه لم يتنبّه لفخ التاريخ الكبير الذي وقع فيه.
يكتب آباء الكنيسة أنّ الشيطان عندما رأى أن يسوع قد هُزم ذهب وابتلعه ولكنّه في تلك اللحظة ابتلع ألوهيّته أيضًا فدُمِّر للأبد وفقد قوّته، وأصبح الصّليب في تلك اللحظة علامة انتصار. إن غلبتنا هي صليب يسوع، إنّه انتصار أمام عدوّنا الحيّة الكبيرة والمُتَّهِم الكبير. بالصليب خُلِّصنا، من خلال تلك المسيرة التي أرادها يسوع حتى الأسفل وإنّما بالقوّة الإلهيّة. لقد قال يسوع لنيقوديموس: "وإنا إذا ارتفعت عن الأرض جذبت إليَّ الناس أجمعين". وبالتالي يسوع يُرفع والشيطان يُدّمَّر. لذلك على صليب يسوع أن يكون كالجاذبيّة بالنسبة لنا فننظر إليه لأنّه القوّة لنا للاستمرار في المضيِّ قدمًا. إنَّ الحيّة القديمة التي دُمِّرت لا تزال "تنبح" وتُهدّد ولكن كما يقول آباء الكنيسة هي ككلب مكبّل بالسلاسل إن لم تقترب منه فلن يعضّك ولكن إن اقتربت منه فاستعدّ لأنّه سيدّمرك.
إذاعة الفاتيكان.