"لنطلب من الله الحكمة لنصنع السلام في الأمور التي نقوم بها يوميًّا لأن إمكانية السلام على صعيد عالمي تولد من تصرفات السلام اليوميّة الصغيرة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان في عيد ميلاد سيّدتنا مريم البتول.
إن السلام لا يُبنى في المؤتمرات الدوليّة، السلام عطيّة من الله يولد في الأماكن الصغيرة، في القلب على سبيل المثال أو في حلم كما حصل مع يوسف عندما تراءَى له مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلمِ وقالَ له ألا يخاف من أن يَأتِيَ بِامرَأَتِه مَريمَ إِلى بَيتِه لأنها ستَلِدُ الـ "عمانوئيل" أي "الله معنا" للعالم؛ والله معنا هو السلام!
استهل الأب الأقدس عظته من صلاة الجماعة التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم والتي تتمحور حول النمو في الوحدة والسلام، وتوقّف الحبر الأعظم عند فعل النمو ليؤكِّد أن السلام هو عطيّة ولديه أيضًا مسيرة النمو الخاصة به وبالتالي ينبغي على كل فرد أن يعمل لينمّيه وقال إن درب الخطأة والقديسين هذه تقول لنا أنه ينبغي علينا نحن أيضًا أن نأخذ عطيّة السلام ونجعلها مسيرة لحياتنا فنُدخِل السلام عندها إلى قلوبنا وإلى العالم. إن السلام لا يبنى بين ليلة وضُحاها، السلام عطيّة ينبغي أن تأخذ وتبنى يوميًّا، لذلك يمكننا أن نقول أن السلام عطية تنمو يوميًّا بفضل عمل الإنسان اليدوي، وبالتالي يمكننا نحن البشر أن نقوم يوميًّا بخطوة إضافيّة في سبيل السلام: إنه عملنا، فبالعطيّة التي نلناها وبعملنا يمكننا أن نصنع السلام.
ولكن كيف يمكننا أن نحقق هذا الأمر؟ تقدّم لنا الليتورجيا اليوم أيضًا كلمة يمكنها أن تقودنا وهي كلمة "الصِغَر"، وهو صِغَر العذراء التي نحتفل اليوم بعيد ميلادها، كما هو أيضًا صِغر بيت لحم الـ "صِغيرة في أُلوفِ يِهُوذا".
السلام هو عطيّة وينبغي علينا أن نعمل لنصنعه يوميًّا، علينا أن نعمل في الأمور الصغيرة أي في "الصِغَر" اليومي. إن المظاهرات من أجل السلام واللقاءات العالمية من أجل السلام لا تجدي نفعًا ما لم تحقق ذاك السلام الذي يتمُّ في الصِغر. وبالتالي يمكنك أن تتحدّث عن السلام بكلام بليغ وأن تعقد مؤتمرات كبيرة... ولكن إن لم يكن السلام في "صِغرك" أي في قلبك وفي عائلتك وفي مكان عملك فلن يحلَّ أيضًا في العالم.
لنطلب من الله نعمة الحكمة لنصنع السلام في الأمور الصغيرة التي نقوم بها يوميًّا موجّهين أنظارنا نحو آفاق البشريّة بأسرها، لاسيما اليوم إذ نعيش في حالة حرب يطلب فيها الجميع السلام. ليجب كل منّا في داخله، إذًا تابع البابا يقول، كيف هو قلبك؟ هل هو في سلام؟ إن لم يكن في سلام أصلحه إذًا قبل أن تتحدّث عن السلام. كيف هي عائلتك اليوم؟ هل تعيش في سلام؟ إن لم تكن قادرًا على المضي قدمًا في عائلتك أو كهنوتك أو رهبانيتك، ضع السلام في مسيرتك لأن الكلمات لا تكفي لإحلال السلام في العالم... هذا هو السؤال الذي أريد أن أطرحه اليوم: كيف هو قلب كلّ واحد منا؟ هل هو في سلام؟ كيف هي عائلة كل فرد منا؟ هل تعيش في سلام؟ وهكذا ودواليك... لنصل إلى عالم ينعم بالسلام!
إذاعة الفاتيكان.