الحياة المكرّسة واقع في قلب الكنيسة

متفرقات

الحياة المكرّسة واقع في قلب الكنيسة

 

 

 

الحياة المكرّسة واقع في قلب الكنيسة

 

 

 

 

استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الجمعة في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في المؤتمر الدولي للنواب الأسقفيين والممثلين الأسقفيين عن الحياة المكرّسة وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال لقد دعيتم أيها الإخوة الأعزّاء لتساعدوا الأسقف في كل ما يتعلَّق بالحياة المكرّسة وبالتالي أريد اليوم أن أتقاسم معكم ثلاث تأملات صغيرة.

 

 الحياة المكرسة هي عطيّة للكنيسة، تولد في الكنيسة وتنمو في الكنيسة وهي موجّهة نحو الكنيسة. هذا المبدأ لا يمكن أن ينساه الرعاة ولا المكرسون. في الواقع تعبّر الحياة المكرّسة بشكل رمزي وبقوّة مميّزة عن مساهمة المواهب في كهنوت المعموديّة وكهنوت الخدمة، وتجد مكانها في البعد المواهبي للكنيسة.

 

فالحياة المكرّسة هي "رأسمال" روحي يساهم في خير جسد المسيح كله وليس في خير العائلات الرهبانيّة فقط. لذلك طلبتُ وأطلب اليوم أيضًا من الرعاة ومنكم أنتم النواب الأسقفيين والممثلين الأسقفيين عن الحياة المكرّسة أن تقبلوها بمحبّة وفرح كواقع في قلب الكنيسة وكعنصر مقرِّر في رسالتها إذ أنها تنتمي بشكل غير قابل للنقض إلى حياتها وقداستها.

 

 أما المكرَّسون فأُذكِّرهم بأنه لا يمكن خلط الحريّة السليمة والإعفاء بالعزلة والإستقلاليّة. فاليوم وأكثر من أي وقت مضى ينبغي أن تُعاش الحريّة السليمة، في المعاهد، في علاقة وثيقة مع الإدماج لكي يتمّ التعبير عن الحريّة المواهبيّة وشموليّة الحياة المكرّسة في إطار الكنيسة الخاصة.

 

لذلك وفي ضوء المجمع الفاتيكاني الثاني يمكننا أن نتحدّث اليوم عن جوهريّة عطايا السّلطة والمواهب التي تأتي من روح الله الواحد وتغذّي حياة الكنيسة وعملها الرسولي، لذلك فجميع هذه المواهب هي موجّهة للمساهمة في بناء الكنيسة من خلال علاقة متناغمة ومكمِّلة فيما بينها.

 

وبالتالي فالرعاة مدعوون لاحترام تعدّديّة الأبعاد التي تكوّن الكنيسة والتي من خلالها تُظهر الكنيسة نفسها. أما المكرسون من جهتهم فليتذكّروا أنهم ليسوا إرثًا مُغلقًا وإنما جانب متكامل في جسم الكنيسة ويتوجّه نحو المحور الذي هو المسيح!

 

لقد ظهرت قبل المجمع الفاتيكاني الثاني وبعده معاهد متعددة للحياة المكرّسة ولا تزال تظهر اليوم أيضًا، فالروح يهبُّ حيث يشاء وعندما يشاء. وبما أن مسؤولية الأسقف الأبرشي هي تمييز المواهب والاعتراف بها وتأسيس معاهد الحياة المكرّسة في الأبرشيّة وهذا الأمر لا يمكن أن يتمَّ بدون تمييز مناسب يأخذ بعين الاعتبار، بالإضافة إلى المعايير المذكورة في الرسالة "Iuvenescit Ecclesia" (الكنيسة تستعيد شبابها)، أصالة الموهبة وبعدها النبوي وإندماجها في حياة الكنيسة الخاصة والشركة الفعالة معها ومع الكنيسة الجامعة.

 

فعند تأسيس معهد جديد لا يمكننا أن نفكّر فقط بمنفعته للكنيسة المحليّة، إنها مسؤوليّة كبيرة وبالتالي ينبغي على الرعاة – عند تأسيس معهد جديد – أن  يأخذوا بعين الاعتبار أنهم يمارسون حقّهم بالتأكيد وإنما، وفي الوقت عينه، أنّهم يتحمّلون مسؤوليّة باسم الكنيسة الجامعة بما أن هذا المعهد سينمو ويخرج من إطار الأبرشيّة التي تأسس فيها.

 

 أنتم تلعبون دورًا مهما في العلاقات المتبادلة بين الرعاة والمكرّسين، أعرف أنكم ستدرسون هذا الموضوع خلال المؤتمر ولكنّه أيضًا محور دراسة خاصة من قبل مجمع معاهد الحياة المكرّسة وجمعيات الحياة الرسولية ومجمع الأساقفة لأنني طلبت منهم أن يعيدوا صياغة الوثيقة العلاقات المتبادلة "Mutuae relationes" التي صدرت عام 1994.

 

فبالإضافة إلى تجديد القوانين التي يجب أن تدعم العلاقات المتبادلة بين الأساقفة وجميع أشكال الحياة المكرّسة ينبغي أن يتمّ التعمُّق في قيمة المبادلة التي تُلزم الرعاة والمكرّسين، إذ لا وجود لعلاقات متبادلة حيث يأمر البعض ويخضع الآخرون، وإنما تقوم العلاقات المتبادلة حيث يُعزّز الحوار والإصغاء باحترام والاستضافة المتبادلة واللقاء والمعرفة والبحث المشترك عن الحقيقة.

 

 أريد أن أطلب منكم اهتمامًا خاصًا بالراهبات التأمليات. فكما أكّدت في الدستور الرسولي "Vultum Dei Quarere" – "البحث عن وجه الله"، إن هذا الشكل من أشكال إتباع المسيح، المُتجذِّر في صمت الاختلاء، يمثل في الكنيسة وللكنيسة القلب المُصلّي حارس المجانيّة والخصوبة الرسوليّة، والتي تعطي ثمار نعمة ورحمة وقداسة متعددة الأشكال. رافقونهنَّ إذًا بمحبة أخويّة وعاملوهنَّ على الدوام كنساء بالغات محترمين خبرتهنَّ ومعرفتهنَّ وقدّموا لهنَّ المساعدة في كلِّ ما يتعلّق بالعناصر الجوهريّة في حياتهنَّ.

 

 أيّها الإخوة الأعزّاء، أحبّوا الحياة المكرّسة واعملوا كي تتعرّفوا عليها بعمق. ابنوا علاقات متبادلة انطلاقًا من الشركة الكنسيّة ومبدأ الحريّة السليمة للمكرّسين، وانقلوا تحياتي إلى أساقفتكم وجميع المكرّسين في أبرشياتكم.

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.