"المسيحيّ لا يسير في دروب مُظلمة لأنّ حقيقة الله ليست هناك. ولكن إن سقط يمكنه أن يعتمد على مغفرة وعذوبة الله الذي يعيده إلى درب النّور" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.
استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من القراءة من رسالة القدّيس يوحنّا الأولى (2/ 1- 29) التي يحذّر فيها الرّسول المؤمنين من الحياة المزدوجة – نور في الظاهر وظلمة في القلب – لأنّ الله هو نور فقط، وقال ينبغي علينا أن نكون شفـَّافين كالله وبدون خطيئة، لأنّ كلّ خطيئة نعترف بها تجذب حنان الآب ومغفرته، هذه هي الحياة المسيحيّة.
إِذا قُلْنا: "إِنَّنا لم نَخْطَأ" جَعَلنا الله كاذِبًا ولَم تَكُن كَلِمَتُه فينا. إذا قلت أنّك في شركة مع الرَّبّ ينبغي عليك أن تسير في النّور! لكن الحياة المزدوجة لا! تلك الكذبة التي اعتدنا على رؤيتها والتي نسقط فيها نحن أيضًا بأن نقول شيئًا ونفعل شيئًا آخر... هذه هي التجربة! نعرف جيّدًا من أين تأتي الكذبة: في الإنجيل يسمّي يسوع الشّيطان كذابًا وأبو الكذب، ولذلك بعذوبة وتواضع يقول هذا الشيخ للكنيسة الشّابة: "لا تكوني كاذبة! أنت في شركة مع الله فسيري في النّور. قومي بأعمال النّور، لا تقولي شيئًا وتفعلي شيئًا آخر، لا! لا للحياة المزدوجة وتبعاتها".
يبدأ القدّيس يوحنّا رسالته بالقول: "يا بنيَّ" بنبرة مُسنٍّ يُكلّم أحفاده الصّغار، وفي هذه النبرة يتردّد بحنان وعذوبة صدى كلمات يسوع في الإنجيل من القدّيس متى (11/ 28- 29)، إذ يقول لنا: "تَعالَوا إِليَّ جَميعاً أَيُّها المُرهَقونَ المُثقَلون، وأَنا أُريحُكم. اِحمِلوا نيري وتَتَلمَذوا لي فإِنِّي وَديعٌ مُتواضِعُ القَلْب، تَجِدوا الرَّاحَةَ لِنُفوسِكم" بالشّكل عينه يأتي نداء القدّيس يوحنّا: "وإِن خَطِئ أَحدٌ فهُناك شَفيعٌ لَنا عِندَ الآب وهو يسوعُ المَسيحُ البارّ. إِنَّه كَفَّارةٌ لِخَطايانا" وهو يُعطينا النعمة .
قد يرغب أحد بأن يقول لهذا المُسنّ الذي ينصحنا بهذا الشّكل: "ولكن أليست الخطايا شيئًا سيّئًا؟" نعم الخطايا هي أمر سيّئ، ولكن إن أخطأت هناك على الدوام من ينتظرك ليغفر لك، لأنّ الرّب هو أكبر من خطايانا.
هذه هي رحمة الله! إنّها عظمة الله، هو يعرف بأنّنا لا شيء وبأن قوّتنا هي منه ولذلك ينتظرنا على الدوام؛ لنتذكّر دائمًا إذًا أوّلاً لا يمكننا أن نسير في النّور والظلمة في آن معًا، لا نكوننَّ كاذبين، وثانيًا: جميعنا خطأة.
لا يمكن لأحد أن يقول هذا خاطئ أو هذه خاطئة أمّا أنا فبارّ والحمد لله! لا لأنّ البارّ هو واحد، وهو الذي دفع ثمن افتدائنا. وبالتّالي إذا خطئ أحد هو ينتظرنا ويغفر لنا لأنّه رحيم ويعرف جيّدًا ما هو معدننا وكيف صاغنا ويذكر بأننا تراب. ليحمل الفرح الذي تمنحنا إيّاه هذه الرّسالة لنسير قدمًا في بساطة الحياة المسيحيّة وشفافيتها ولاسيّما عندما نتوجّه إلى الرَّبّ بالحقّ!
إذاعة الفاتيكان.