أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهلّ تعليمه الأسبوعي بالقول لقد تحدثنا في التعاليم الأخيرة عن العائلة التي تعيش هشاشة حالتها البشريّة: الفقر والمرض والموت. أما اليوم فسنتأمّل حول الجراح التي تُفتح داخل التعايش العائلي.
نعلم جيّدًا أنه ما من قصة عائليّة تخلو من تلك الأوقات التي تتعرّض فيها المشاعر والعواطف الأغلى للإساءة من قبل تصرُّف أفرادها. كلمات وأفعال وتقصير بدل من أن تُعبّر عن المحبّة تستأصلها وتبعدها لا بل تهينها وتذلّها. وعندما تُهمل هذه الجراح تسوء حالتها وتتحوّل إلى عداوة واشمئزاز، فتصبح جراحًا عميقة تفصل بين الزوج والزوجة وتقودهما للبحث عن التفهم والعضد والعزاء في مكان آخر.
إن إفراغ الحب الزوجي من معناه ينشر استياء في العلاقات، وغالبًا ما يسبب أيضًا انهيار الأبناء. وبالتالي أريد أن أتوقّف قليلاً عند هذه النقطة. وأكّد البابا في هذا الإطار أنه بالرغم من حساسيتنا المتطوّرة وجميع تحاليلنا النفسية الدقيقة يبدو أننا قد "تخدّرنا" أيضًا إزاء الجراح في نفوس الأطفال. وبقدر ما نحاول أن نعوّض عنهم بالهدايا والحلويات بقدر ما يُفقد معنى الجراح الأليمة والعميقة في النفس، وأشار في هذا السياق إلى الاضطرابات السلوكيّة والصحّة النفسيّة وصحّة الطفل، وقلق الوالدين والأبناء... ولكن، هل نعرف ما هو جرح النفس؟ هل نعرف تأثير خياراتنا في نفوس الأطفال؟
إن جميع الأمور في العائلة مترابطة ببعضها البعض: فعندما تُجرح نَفسهُا في مكان مُعيّن تنتقل عدوى الالتهاب للجميع. وأشار البابا في هذا الإطار إلى أنّه عندما يفكر رجل وامرأة، التزما ليكونا "جسدًا واحدًا" ويكوّنا عائلة، بمتطلباتهم الخاصة للحريّة وإشباع رغباتهم يمكن لهذا الاعوجاج أن يدمّر قلب الأبناء وحياتهم. وينبغي علينا أن نفهم هذا الأمر جيّدًا. وإن فكّرنا بالقساوة التي يوبّخ بها يسوع البالغين لكي لا يكونوا حجر عثرة للصغار (راجع متى 18، 6)، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل كلمته حول عظمة المسؤوليّة في الحفاظ على العلاقة الزوجية التي تعطي الحياة للعائلة البشريّة (راجع متى 19، 6- 9). وعندما يصبح الرجل والمرأة جسدًا واحدًا تطبع عندها كل الجراح وكل هجر من قبل الأب والأم جسد الأبناء الحي.
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول لا ينقص، بفضل نعمة الله، أولئك الذين يعضدهم الإيمان والمحبة تجاه الأبناء ويشهدون لأمانتهم لرباط آمنوا به بالرغم من أنه يبدو من الصعب إعادة إحيائه. ولكن لا يشعر جميع المنفصلين بهذه الدعوة، ولا يعترفون جميعهم بدعوة الرب هذه الموجّهة إليهم. نجد العديد من العائلات حولنا في أوضاع غير نظاميّة ونتساءل كيف يمكننا مساعدتها؟ كيف يمكننا مرافقتها؟ لنطلب من الرب إيمانًا كبيرًا لننظر إلى الواقع بعيني الله، ومحبة كبيرة لنقترب من الأشخاص من خلال قلبه الرحيم.
إذاعة الفاتيكان