البشارة ليست ترويجًا إعلانيًا

متفرقات

البشارة ليست ترويجًا إعلانيًا

 

 

 

"على مثال الرّسل بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنّا، لنترك كلَّ ما يمنعنا من السير قدمًا في البشارة والشهادة للمسيح" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح يوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان في عيد القدّيس أندراوس الرسول، وللمناسبة دعا الأب الأقدس المؤمنين ليكونوا قريبين من كنيسة القسطنطينيّة، كنيسة أندراوس ولكي يصلّوا من أجل وحدة الكنيسة.

 

 

 

حثّ الأب الأقدس المؤمنين في عظته على التخلّي عن مواقف الخطيئة والرذيلة التي يحملها كلُّ فرد منّا في داخله لنكون صادقين في إعلان يسوع فيؤمن الناس هكذا من خلال شهادتنا. وإذ توقّف عند رسالة القدّيس بطرس إلى أهل روما (10/ 9 -18) والتي يشرح فيها الرّسول كيف أنَّ الإيمان يأتي من السّماع وأن السماع يأتي من المناداة بكلام المسيح، ذكّر البابا فرنسيس بأهميّة إعلان الإنجيل، إعلان أن المسيح قد خلّصنا، وأن المسيح قد مات وقام من أجلنا، وقال في الواقع إن إعلان يسوع ليس مجرد حمل لخبر بسيط بل هو الإعلان الكبير للبشرى السارة.

 

 

 

تابع الحبر الأعظم شارحًا معنى البشارة وقال ليست البشارة ترويجًا إعلانيًا لشخص صالح، قد صنع الخير وشفى العديد من الناس وعلّمنا أمورًا جميلة. وبالتالي فهي ليست ترويجًا إعلانيًا ولا اقتناصًا. إن ذهب أحد ما للحديث عن يسوع المسيح والبشارة بيسوع المسيح بنيّة الاقتناص فهذا ليس إعلان المسيح بل هو مجرّد عمل يقوم على منطق التسويق والبيع. فما هي إذًا البشارة بالمسيح؟ والتي تذهب أبعد من الاقتناص والترويج الإعلاني والتسويق؛ كيف يمكننا فهمها؟ إنها قبل كل شيء أن نكون مرسلين!

 

 

 

 

 ينبغي أن نكون إذًا مرسلين في رسالة ونلزم حياتنا الشخصية بها؛ لأن الرسول والمرسل الذي يحمل قدمًا إعلان يسوع المسيح يقوم بذلك ملزمًا حياته ووقته ومصالحه وحتى جسده. وهذه الرحلة، الانطلاق للبشارة مخاطرين بحياتنا وملزمين أنفسنا، له بطاقة الذهاب فقط وليس لديه بطاقة عودة لأنَّ إعلان يسوع المسيح يتمُّ من خلال الشهادة، والشهادة تعني أيضًا إلزام حياتي والمخاطرة بها أي أنني أفعل ما أقوله وأبشر به.

 

 

 

 

 

 ولكي تكون الكلمة بشارة وإعلانًا عليها أن تكون شهادة، وأكّد البابا في هذا السياق أنّ المسيحيِّين الذين يقولون بأنّهم كذلك ولكنّهم يعيشون كوثنيين أو كغير مؤمنين هم سبب شكٍّ وعثرة؛ ودعا للصدق والتطابق بين الكلمة والحياة مؤكِّدًا أن هذه هي الشهادة. لذلك فالرّسول والمبشِّر الذي يحمل كلمة الله هو شاهد أيضًا يخاطر بحياته حتى النهاية وبالتالي هو أيضًا شهيد. من جهّة أخرى ولكي يُعرِّفنا على نفسه أرسل الله الآب ابنه ليتجسّد ويخاطر بحياته، أمر سبَّب شكًا وعثرة لكثيرين ولا يزال حتى اليوم لأنَّ الله قد صار واحدًا منا في رحلة ببطاقة ذهاب فقط.

 

 

 

 

 لقد حاول الشيطان أن يقنعه بأن يأخذ دربًا أخرى ولكنه لم يقبل بل حقق مشيئة الآب حتى النهاية وبالتالي على البشارة به أن تسير في الدرب عينها: الشهادة لأنه كان شاهدًا متجسّدًا للآب؛ ونحن أيضًا علينا أن نتجسّد أي أن نصبح شهودًا ونفعل ما نقوله لأنَّ هذه هي البشارة بالمسيح. ولذلك فالشهداء هم الذين يُظهرون أنَّ البشارة كانت حقيقية. رجال ونساء بذلوا حياتهم حتى الدم، وإنما أيضًا رجال ونساء يعيشون في الخفاء في مجتمعنا وعائلاتنا ويشهدون يوميًا في الصمت ليسوع المسيح من خلال حياتهم الصادقة.

 

 

 

 

وختم البابا فرنسيس عظته مذكّرًا أننا جميعًا وبواسطة المعموديّة ننال رسالة إعلان المسيح من خلال العيش كيسوع الذي علّمنا أن نعيش بتناغم مع ما نبشّر به فتكون عندها بشارتنا مثمرة أما إن لم نعش بصدق أي لم يتطابق ما نقوله مع ما نعيشه فالنتيجة ستكون عثرة وشك، وعندما يعيش المسيحيّون بهذا الشكل يسببون أذى كبيرًا لشعب الله!  

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.