ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد، الخامس من حزيران يونيو، القدّاس الإلهيّ في ساحة القدّيس بطرس بحضور حشد غفير من المؤمنين، وأعلن خلاله قداسة الكاهن البولنديّ ستانيسلاو ليسوع ومريم (يان بابشينسكي 1631 ـ 1701) والرّاهبة السويديّة ماريا إليزابيت هيسلبلاد (1870 ـ 1957).
ألقى الأب الأقدس عظة للمناسبة استهلها قائلاً:
إنّ كلمة الله التي أصغينا إليها تقودنا مجدّدًا إلى الحدث الجوهريّ للإيمان: انتصار الله على الألم والموت. إنّه إنجيل الرّجاء النابع من سرّ المسيح الفصحيّ كلمة تدعونا إلى البقاء متحدين بعمق بآلام ربّنا يسوع، كي تظهر فينا قوَّة قيامته.
ففي آلام المسيح، يوجد جواب الله على الصَّرخة الأليمة التي تُحدثها فينا خبرة الألم والموت. يتعلّق الأمر بعدم الهروب من الصَّليب إنّما البقاء هناك، كما فعلت مريم العذراء التي وإذ تألمت مع يسوع، نالت نعمة أن ترجو على غير رجاء (روما 4، 18). هذه كانت أيضًا خبرة ستانيسلاو ليسوع ومريم وماريا إليزابيت هيسلبلاد اللذين أُعلنا قدّيسين اليوم: لقد بقيا متحدين بعمق بآلام يسوع، وظهرت فيهما قوّة قيامته.
توقف الأب الأقدس في عظته عند قراءات وإنجيل هذا الأحد، وأشار بداية إلى أن أرملة صَرفَت ـ وهي امرأة غير يهوديّة ولكنّها استقبلت في بيتها النبي إيليّا ـ قد استاءت من النبي ومن الله لأنّه، بينما كان إيليّا نازلاً عندها، مرض ابنها ومات بين ذراعيها. فقال إيليّا لهذه المرأة "أعطني ابنَك" (سفر الملوك الأول 17، 19). إنّها كلمة أساسيّة تعبّر عن تصرّف الله أمام موتنا (بجميع أشكاله)، النبيّ أخذ الولد وأصعده إلى العليّة وهناك، وحده، في الصّلاة، "صارع مع الله". وقد سمع الرّبّ لصوت إيليّا، لأنّه في الواقع، كان الله، وبفم إيليّا، من قال للمرأة "أعطني ابنك". وهو الآن الذي أعاده حيًّا إلى أمّه.
حنان الله يظهر بالكامل في يسوع، لقد استمعنا في الإنجيل (لوقا 7، 11 ـ 17) كيف "أخذته الشفقة" على أرملة نائين التي كانت ترافق ابنها الوحيد لدفنه. يسوع دنا ولمس النَّعش، وأوقف موكب الجنازة. وقال لها "لا تبكي!". كما ولو أنّه يقول لها "أعطني ابنك". وبالفعل استيقظ الفتى كما من نوم عميق وأخذ يتكلّم. فسلّمه يسوع إلى أمّه.
وفي رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية (1، 11 ـ 19)، من عدوّ ومضطهد للمسيحيِّين أصبح بولس شاهدًا للإنجيل. هذا التغيّر الجذريّ كان عطيّة من رحمة الله الذي "اختاره" و"دعاه بنعمته" وأراد أن يكشف ابنه "فيه" ليبشّر به بين الأمم.
وهكذا لن يكون بولس رسولاً وحسب إنّما شاهدًا قبل كلّ شيء. الكنيسة اليوم تقدِّم لنا شاهدين مثاليين لسرِّ القيامة هذا. ويستطيع كلاهما أن يرنّما للأبد بكلمات صاحب المزامير "إلى رقصٍ حوَّلت نَدْبي/ أيُّها الربُ إلهي، للأبدِ أحمدُكَ" (مزمور 30، 12) ونوحّد جميعنا صوتنا قائلين "أُعظّمكَ يا ربُّ، لأنّك انتشلتني".
وفي ختام القدّاس الإلهيّ في ساحة القدِّيس بطرس ـ وقبل صلاة التبشير الملائكيّ ـ وجَّه قداسة البابا فرنسيس كلمة مقتضبة ضمنها تحيّة إلى جميع المشاركين في هذا الإحتفال، خاصًا بالذكر الوفدين الرّسميين من بولندا والسويد. كما وحيّا الأب الأقدس جميع المؤمنين القادمين من إيطاليا وبلدان أخرى، ودعا الجميع إلى رفع الصّلاة إلى مريم العذراء كي ترشدنا دائمًا في طريق القداسة وتؤازرنا كلّ يوم في بناء العدالة والسّلام.
إذاعة الفاتيكان.