استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس في القصر الرّسولي بالفاتيكان المُشاركين في اللّقاء الأوّل لمبادرة "أمريكا في حوار" والتي ينظّمها المجلس البابويّ للحوار بين الأديان ومعهد الحوار بين الأديان في بوينوس آيرس، وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال:
لقد تمحور هذا اللقاء الأوّل حول دراسة الرّسالة العامّة "كُن مُسبحًا" والتي أردت من خلالها أن ألفت الانتباه على أهميّة المحبّة والاحترام والحفاظ على بيتنا المشترك.
تلعب الأديان دورًا مهمًّا في تعزيز حماية واحترام البيئة، والإيمان بالله يحملنا على رؤيته في خلائقه ثمرة محبّته لنا، ويدعونا للاعتناء بالطبيعة وحمايتها. لذلك من الأهميّة بمكان أن تعزّز الديانات على جميع الأصعدة تربية حقيقيّة تساعد على نشر موقف مسؤول ومتنبّه إزاء ما تتطلبّه منّا حماية عالمنا.
تشكّل تقاليدنا الدينيّة مصدر إلهام ضروريّ لتشجيع ثقافة لقاء، وفي هذا السياق يلعب دورًا أساسيًّا التعاون بين الأديان القائم على تعزيز حوار صادق ومحترم. هذا الحوار يقوم على الهويّة الفرديّة والثقة المتبادلة التي تولد عندما أكون قادرًا على الاعتراف بالآخر كعطيّة من الله وأقبل أنّ لديه ما يقوله لي.
إنّ كلّ لقاء مع الآخر هو بذرة صغيرة توضع في الأرض، فإن سقيناه بالاهتمام المستمرّ والمُحترم القائم على الحقيقة فسينمو كشجرة غضّة الأغصان يمكن للجميع بدون استثناء أن يجدوا فيها الملجأ والغذاء.
في مسيرة الحوار هذه نحن شهود على صلاح الله الذي أعطانا الحياة وهي مقدّسة وينبغي علينا احترامها لأن المؤمن هو مدافع عن الخليقة والحياة ولا يمكنه أن يقف صامتًا ومكتوف اليدين إزاء الحقوق المُنتهكة بلا عقاب. إن العالم ينظر إلينا نحن المؤمنين باستمرار لكي يتأكّد من موقفنا إزاء البيت المُشترك وحقوق الإنسان؛ كما ويطلب منا أن نتعاون فيما بيننا ومع الرّجال والنساء ذوي الإرادة الصّالحة لكي نعطي أجوبة فعّالة على العديد من آفات عالمنا كالحرب والجوع والعنف والفساد ولاسيّما إزاء غياب الرّجاء. إنّ عالم اليوم يتألّم ويحتاج إلى مساعدتنا وهو يطلبها منّا!
نلاحظ أيضًا بأَلمٍ أن اسم الدين يُستعمل أحيانًا لارتكاب أعمال وحشيّة كالإرهاب وزرع الخوف والعنف وبالتالي يتمُّ عندها اعتبار الديانات مسؤولة عن الشرّ الذي يحيط بنا. من الأهميّة بمكان أن ندين بشكل مشترك وقاطع هذه الأعمال الوحشيّة والابتعاد عن كلّ ما يحاول أن يؤذي ويقسم ويدمّر التعايش؛ نحن بحاجة لنُظهر القيم الإيجابيّة المُرتبطة بتقاليدنا الدينيّة لكي نقدّم مساهمة رجاء ثابت.
وختامًا، هذا اللقاء يتمّ في السنة المكرّسة ليوبيل الرّحمة التي تشمل جميع المؤمنين وغير المؤمنين لأن محبّة الله الرّحيمة التي لا تعرف حدودًا أو ثقافة أو عرقًا أو لغة أو ديانة وتُعانق جميع الذين يتألّمون في الجسد والرّوح. لتكن هذه السنة اليوبيليّة مناسبة لنفتح فسحات حوار فنخرج للقاء الأخ المتألّم ونكافح لكي يكون بيتنا المشترك مكانًا يقبل الجميع ولا يستثني أحدًا.
إذاعة الفاتيكان.