توجّه قداسة البابا فرنسيس عصر الأربعاء إلى بازيليك القدّيس غريغوريوس الكبير في تشيليو بروما حيث احتفل بصلاة الغروب بمشاركة رئيس أساقفة كانتربوري الدكتور جستن ويلبي بمناسبة الذكرى الخمسين للقاء البابا بولس السّادس برئيس أساقفة كانتربوري وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:
يصف النبي حزقيال الله، بصورة بليغة، كراع يجمع خرافه المُشتّتة، والتي كانت قد تفرّقت عن بعضها البعض "يومَ الغيمِ والضَّبابِ" (حزقيال 34، 12). يبدو هكذا أن الربّ يوجّه لنا هذا المساء من خلال النبيّ رسالة مزدوجة: أولاً رسالة وحدة، وثانيًا يشرح لنا سبب انقسام القطيع: في يوم الغيمِ والضَّبابِ لم نعد نرى الأخ الذي كان بقربنا وأصبحنا غير قادرين على التعرُّف على بعضنا البعض والفرح بالعطايا والنعم التي نلناها.
لكنّنا نملك اليقين الثابت بأن الله يحبّ أن يسكن بيننا نحن قطيعه وكنزه الثمين. إنّه راع لا يتعب ويَعمَلُ في كُلِّ حينٍ، ويحثنا على السّير نحو وحدة أكبر. لذلك لنبقى واثقين لأن الله يحبّ أن يسكب نعمته فينا بالرّغم من أننا آنية من خزف. إنّها لدعوة كبيرة أن نعمل كأدوات شركة دائمًا وفي كلّ مكان.
هذا يعني أن نعزز في الوقت عينه وحدة العائلة المسيحيّة ووحدة العائلة البشريّة. فعندما، وكتلاميذ للمسيح نقدِّم خدمتنا بشكل موحّد وعندما نعزز الانفتاح واللقاء نعمل عندها وفي الوقت عينه في سبيل وحدة المسيحيِّين ووحدة العائلة البشريّة؛ ونعترف ببعضنا البعض كإخوة ينتمون إلى تقاليد مختلفة وإنّما يدفعهم الإنجيل عينه لينطلقوا في الرّسالة عينها في العالم، لأنّه من خلال مقاسمتنا صعوبات وأفراح الخدمة نقترب من بعضنا البعض.
أريد أن أتحدّث عن مسيرتنا المشتركة في إتباع المسيح الراعي الصّالح انطلاقـًا من عصا الرعاية التابعة للقدّيس غريغوريوس الكبير والتي يمكنها أن ترمز جيّدًا إلى المعنى المسكونيّ الكبير للقائنا هذا. من هذا المكان منبع الرّسالة اختار البابا غريغوريوس القدّيس أغوسطينوس دي كانتربوري ورهبانه وأرسلهم إلى الشّعوب الأنجلوسكسونيّة مفتتحًا هكذًا صفحة كبيرة للبشارة: تاريخنا المشترك والذي يربطنا بشكلٍ وثيق.
في وسط الجزء المتقوّس لعصا الرعاية نجد صورة الحمل القائم من الموت؛ بهذا الشكل، وإذ يذكِّرنا بمشيئة الربّ بجمع القطيع والذهاب بحثًا عن الخروف الضال، تشير عصا الرعاية أيضًا إلى المحتوى الجوهريّ للإعلان: محبّة الله في يسوع المصلوب والقائم من الموت، الحمل المذبوح والحيّ.
إنه الحبّ الذي اخترق ظلمة القبر وشرّع الأبواب على نور الحياة الأبديّة، ومحبّة الحمل المُنتصر على الخطيئة والموت هي الرسالة المُبدعة التي ينبغي علينا أن نحملها اليوم معًا للذين لم يكتشفوا بعد وجه للرّاعي الصالح الشفوق وعناقه الرّحيم. تقوم خدمتنا على إنارة الظلمات بهذا النور اللطيف بقوّة المحبّة التي تنتصر على الخطيئة وتتخطّى الموت.
لنتحلّى بفرح الاعتراف والاحتفال معًا بجوهر الإيمان، ولنركز أنفسنا فيه مجددًا بدون أن نسمح بأن يلهيَنا ما يريد أن يصرفنا عن نضارة الإنجيل الأولى.
يؤكّد بعض المؤلفون أن عصيّ الرعاية غالبًا ما يكون طرفها الآخر مُحدّد الرأس، وبالتالي يمكننا أن نفكّر أنّ عصا الرعاية لا تذكّر فقط بالدعوة لقيادة الخراف وجمعها باسم المصلوب القائم من الموت وإنّما أيضًا لِنَخسِ الخراف التي تبقى مُنغلقة وقريبة جدًا من بعضها البعض فتحثها هكذا على الخروج. إنّ رسالة الرّعاة هي مساعدة القطيع الذي أوكل إليهم لكي يخرج وينطلق لإعلان فرح الإنجيل.
لنطلب معًا من الربّ نعمة التشبّه بروح ومثال المرسلين العظام الذين من خلالهم أحيا الرّوح القدس الكنيسة التي تنتعش عندما تخرج من ذاتها لتعيش وتعلن الإنجيل على دروب العالم. لنصلِّ معًا كي يسمح لنا الربّ بأن ينبعث من هنا دفع متجدّد للشركة والرّسالة.
إذاعة الفاتيكان.