البابا فرنسيس يلتقي الكهنة والمكرّسين والإكليريكيين

متفرقات

البابا فرنسيس يلتقي الكهنة والمكرّسين والإكليريكيين

 

 

 

 

البابا فرنسيس يلتقي الكهنة والمكرّسين والإكليريكيين

 

 

 

إلتقى قداسة البابا فرنسيس عند الساعة الحادية عشرة من صباح السبت بالتوقيت المحلّي الكهنة والمكرّسين والإكليريكيين في كنيسة الورديّة في تيجغاون في دكا وللمناسبة سلّمهم الأب الأقدس كلمة كان قد أعدَّها لهذا اللقاء كتب فيها:

 

إنَّ الجماعة الكاثوليكيّة في بنغلادش صغيرة جدًّا ولكنّكم كحبّة الخردل التي يحملها الله كي تنضج في وقتها. أفرح لرؤيتي كيف تنمو حبّة الخردل هذه ولكوني شاهدًا مباشرًا للإيمان العميق الذي منحكم الله إيّاه.

 

أفكِّر بالمرسلين الأمناء الذين زرعوا واهتمّوا ببذرة الإيمان هذه لخمسة عصور. سأزور المقبرة بعد قليل وسأُصلّي من أجل هؤلاء الرّجال والنساء الذين بسخاء كبير خدموا هذه الكنيسة المحليّة. وإذ أوجِّه النظر إليكم أرى مرسلين يتابعون هذا العمل المقدّس. أرى أيضًا العديد من الدّعوات التي ولدت في هذه الأرض: إنّها علامة للنِّعم التي باركها الرَّبّ فيها.

 

 ما أجمل أن يتمَّ لقاءنا في هذه الكنيسة القديمة على اسم الورديّة المقدّسة. المسبحة الورديّة هي تأمّل رائع حول أسرار الإيمان التي تشكِّل العُصارة الحيويّة للكنيسة، إنّها صلاة تصوغ الحياة الروحيّة والخدمة الرسوليّة. إن كنّا كهنة أو رهبانًا أو مكرّسين أو إكليريكيِّين تحثنا صلاة الورديّة على بذل حياتنا بالكامل في سبيل المسيح بالإتحاد مع مريم، وتدعونا إلى المشاركة في جهوزيّة مريم تجاه الله لحظة البشارة وشفقة المسيح للبشريّة بأسرها عندما كان معلَّقًا على الصّليب وفرح الكنيسة عندما نالت عطيّة الرّوح القدس من الرَّبِّ القائم من الموت.

 

جهوزيّة مريم. هل وُجِد في التاريخ شخص يتحلّى بالجهوزيّة كمريم عند لحظة البشارة؟ إنَّ الله قد أعدّها لتلك اللحظة وهي أجابت بمحبّة وثقة. هكذا أيضًا أعدَّ الربّ كلَّ فرد منّا ودعانا بأسمائنا، والإجابة على هذه الدّعوة هي عمليّة تدوم مدى الحياة.

 

نحن مدعوّون يوميًّا لنتعلّم أن نكون أكثر جهوزيّة تجاه الربّ في الصّلاة من خلال التأمّل بكلماته والسعي لتمييز مشيئته. أعرف أنَّ العمل الراعويّ والعمل الرسوليّ يتطلبان الكثير منكم، وأنَّ أيامكم غالبًا ما تكون طويلة ومتعبة، لكن لا يمكننا أن نحمل اسم المسيح أو نشارك في رسالته بدون أن نكون أوّلا رجالاً ونساءً متجذّرين في المحبّة ومتَّقدين بالمحبّة من خلال اللقاء الشخصيّ مع يسوع في الإفخارستيا وفي كلمات الكتاب المقدّس.

 

 إنَّ الجهوزيّة تجاه الربّ تسمح لنا برؤية العالم من خلال عينيه وبأن نصبح أكثر تنبُّهًا لحاجات الذين نخدمهم. نبدأ بفهم رجائهم وفرحهم، خوفهم وأثقالهم، ونرى بوضوح أكبر المواهب والعطايا التي يقدّمونها لبناء الكنيسة في الإيمان والقداسة. كونوا، في تنوّع عملكم الرسوليّ الكبير، مصدر راحة روحيّة وإلهام للذين تخدمونهم واجعلوهم قادرين على مقاسمة مواهبهم بشكلٍ أكبر بين بعضهم البعض فتسير هكذا قدمًا رسالة الكنيسة.

 

 شفقة المسيح. تدخلنا مسبحة الورديّة في التأمُّل في آلام وموت يسوع؛ وبالدخول في عمق أسرار الألم هذه نبلغ إلى معرفة قوّتها الخلاصيّة ونثبت في الدعوة للمشاركة فيها بواسطة حياتنا والشفقة وبذل الذات. إنّ الكهنوت والحياة الرهبانيّة ليستا مهنة أو وظيفة ولا أدوات للمضي قدمًا بل خدمة ومشاركة في محبّة المسيح الذي يضحّي بنفسه في سبيل قطيعه. بالتشبّه يوميًّا بالذي نحبّه نصل إلى واقع أنَّ حياتنا ليست لنا ولسنا نحيا بَعدَ ذلِك، بلِ المسيحُ يَحيا فِينا.

 

لنجسّد هذه الشفقة، عندما نرافق الأشخاص لاسيّما في لحظات ألَمِهم ومحنتهم ونساعدهم على إيجاد يسوع لأنَّ كلٌّ منّا مدعو ليكون مرسلاً، ولنحمل محبّة المسيح الرَّحيمة للجميع لاسيّما للذين يُقيمون في ضواحي مجتمعنا.

 

أنا ممتنٌّ لأنَّ كثيرين منكم يلتزمون بأشكال مختلفة في مجالات الالتزام الاجتماعيّ والصحيّ والتربويّ ويخدمون حاجات جماعاتكم المحليّة والعديد من المهاجرين واللاجئين الذين يصلون إلى البلاد. إنّ خدمتكم للجماعة البشريّة ولاسيّما للمعوزين هي ثمينة لبناء ثقافة لقاء وتضامن.

 

 فرح الكنيسة. تملؤنا مسبحة الورديّة بالفرح لانتصار المسيح على الموت وصعوده إلى يمين الآب وحلول الرّوح القدس على العالم. إنَّ خدمتَنا بأسرها موجّهة لإعلان فرح الإنجيل. جميعنا نعرف مشاكل العالم وآلام البشريّة، من خلال الحياة والعمل الرّسولي، ولكننا لا نفقد الثقة أبدًا بواقع أنَّ قوّة محبّة المسيح تنتصر على الشرِّ وعلى أمير الكذب الذي يحاول أن يخدعنا.

 

لا تسمحوا لضعفكم أو لتحدِّيات خدمتكم أن تُفقِدَكم العزيمة. إن ثبتّم في الجهوزيّة تجاه الربّ بواسطة الصّلاة وثابرتم في تقديم شفقة المسيح إلى إخوتكم وأخواتكم فسيملأ الربّ قلوبكم بالفرح المعزيّ لروحه القدّوس.

 

جميعنا مدعوّون يوميًّا لنجّدِّد ونعمِّق فرحنا في الربّ ونجتهد للتشبّه به على الدوام وبشكل أكمل. قد يبدو الأمر صعبًا في البداية ولكنّه يملأ قلوبنا بفرح روحيّ لأنَّ كلّ يوم يصبح فرصة لنبدأ من جديد ونجيب مجدّدًا على الربّ. لا تيأسوا أبدًا لأنَّ صبر الربّ هو لخلاصنا. افرحوا بالرّب دائمًا!

 

 أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء أشكركم على أمانتكم في خدمة المسيح وكنيسته من خلال هبة حياتكم. أؤكِّد لكم صلاتي وأسألكم أن تصلّوا من أجلي. لنتوجّه الآن إلى العذراء، سيّدة الورديّة المقدّسة، ولنطلب منها أن تنال لنا جميعًا نعمة النمو في القداسة وأن نكون شهودًا فرحين لقوّة الإنجيل لنحمل الشّفاء والمصالحة والسّلام إلى عالمنا.

 

 

إذاعة الفاتيكان.