سيصدر في الثلاثين من آب أغسطس الجاري في المكتبات الإيطالية كتاب جديد بعنوان "خادم الله والبشرية: سيرة حياة بندكتس السادس عشر"، من تأليف إيليو غويرييرو. وكان هذا الأخير قد تعرف شخصيًّا على البابا راتزينغر عندما كان كاردينالاً في ثمانينيات القرن الماضي، وقام بترجمة العديد من مؤلفاته. وقد شاء من خلال هذا الكتاب أن يقدّم صورة واضحة عن حياة هذا اللاهوتي وهذا البابا في تسعة عشر فصلاً. ويذكّر المؤلف بأنه خلال عمر الشباب، ولاحقًا عندما أصبح أسقفًا على ميونخ عرف هذا البابا أن مصير جماعة المؤمنين هو أن تتحول إلى أقلية في القارة الأوروبية.
يتضمن هذا الكتاب توطئة للبابا فرنسيس الذي عبّر عن سروره لصدور سيرة حياة سلفه البابا بندكتس السادس عشر في هذا المجلد، لافتًا إلى أن الكنيسة الكاثوليكية مدينة للبابا جوزف راتزنغر نظرًا لعمق واتزان فكره اللاهوتي والذي عاشه دائمًا خدمة للكنيسة وصولاً إلى أعلى مراتب فيها، أي على رأس مجمع عقيدة الإيمان خلال حبرية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني ثم إلى السدة البابوية في العام 2005.
تطرق البابا فرنسيس في توطئته إلى الإسهام الذي قدمه البابا الفخري بندكتس السادس عشر من خلال إيمانه وثقافته للكنيسة كي تعرف كيف تستجيب لتطلعات زماننا الحاضر، لاسيما خلال السنوات الثلاثين الماضية، لافتًا إلى أن هذا الإسهام كان في غاية من الأهميّة. وأثنى البابا برغوليو على الشجاعة والعزم اللذين تميز بهما جوزف راتزنغر الذي عرف كيف يواجه الأوضاع الصعبة، وقد رسما الدرب الواجب اتباعها من أجل الإستجابة للمتطلبات الراهنة في روح من الوداعة والحقيقة والتجدد والتطهير.
ولفت البابا فرنسيس بعدها إلى العلاقة الروحيّة الوطيدة التي تربطه مع البابا الفخري بندكتس السادس عشر، مثنيًا على أهمية حضوره وصلاته على نية الكنيسة وهذا كله يسند ويدعم حبرية البابا برغوليو. وذكّر في هذا السياق باللقاء الأخير الذي جمع راتزنغر مع الكرادلة في الثامن والعشرين من شباط فبراير 2013 قبل مغادرته الفاتيكان عندما تفوه بندكتس السادس عشر بكلمات مؤثرة جدًا إذ قال لهم "يوجد بينكم البابا المستقبلي، الذي أعدّه اليوم بطاعتي الكاملة بلا قيد أو شرط". وأشار البابا فرنسيس إلى أنه لم يكن يدرك آنذاك أن هذه الكلمات كانت موجّهة له هو! وأوضح أن البابا الفخري بندكتس السادس عشر يفهم أكثر من أي شخص آخر الفرح والصعوبة المتأتيين عن خدمة الكنيسة الكاثوليكية وعالم اليوم.
وكتب البابا فرنسيس أن أبناء الكنيسة يقدّرون الدور الذي لعبه ويلعبه البابا الفخري مشيرًا إلى أنه في كل مرة يظهر فيها هذا الأخير في العلن، ويتعانق الرجلان يُعبّر الحاضرون عن محبتهم وعطفهم من خلال التصفيق الحار. وعبّر فرنسيس عن امتنانه لبندكتس السادس عشر لأنه قبل المشاركة في احتفال افتتاح يوبيل سنة الرحمة وقد كان أول شخص يعبر الباب المقدس بعد البابا فرنسيس.
وفي ختام توطئته كتب البابا برغوليو أن رسالة الكنيسة والخدمة البطرسية في خضم تبدل وتنوع الأوضاع والأشخاص، تشكلان على الدوام تعبيرًا عن محبة الله الرحومة. وقد وجّه البابا بندكتس السادس عشر حياته الفكرية كلّها وأعماله من أجل بلوغ هذه الغاية، وأكد فرنسيس أن هذا ما ينوي أن يفعله هو أيضا بإذن الله.
إذاعة الفاتيكان.