من براتو إلى فلورنسا حيث التقى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الثلاثاء في كاتدرائيّة SANTA MARIA DEL FIORE المشاركين في المؤتمر الوطنيّ الكنسيّ الخامس للكنيسة الإيطاليّة، ويُعقد في فلورنسا من التاسع وحتى الثالث عشر من تشرين الثاني نوفمبر 2015 حول موضوع "في يسوع المسيح الأنسنة الجديدة"...
وقد وجّه الأب الأقدس كلمة ذكّر فيها بما جاء في إنجيل القدّيس يوحنّا "فإنَّ الله لم يُرسل ابنَه إلى العالم ليَدينَ العالم بل ليخلِّصَ به العالم" (يو 3/ 17)، وأضاف البابا فرنسيس: يمكننا أن نتكلّم عن الأنسنة فقط انطلاقًا من مركزيّة يسوع، مكتشفين فيه ملامح وجه الإنسان الحقيقيّ، وأشار إلى أنّ التأمّل بوجه يسوع المائت والقائم من الموت يُعيد تركيب إنسانيّتنا، حتّى تلك المجزّأة بسبب متاعب الحياة، أو المطبوعة بالخطيئة.
وأضاف الأب الأقدس أنّ وجه المسيح هو وجه الرّحمة... وتوقّف بعدها عند بعض ميزات الأنسنة المسيحيّة "فليكُنْ فيما بينَكُم الشُّعورُ الذي هو أيضًا في يسوع المسيح" (فيليبي 2، 3) وتحدّث بداية عن التواضع مذكّرًا بكلمات القدّيس بولس في رسالته لأهل فيليبي "على كلٍّ منكم أن يتواضعَ ويَعُدَّ غيرَه أفضلَ منه"، وأضاف البابا فرنسيس: علينا أن نطلب مجد الله...
تابع الأب الأقدس كلمته متحدّثا عن التجرّد وتوقّف مجدّدًا عند رسالة القدّيس بولس لأهل فيليبي "لا ينظُرَنَّ أحدٌ إلى منفعتِهِ، بل إلى منفعةِ غيره" وأضاف البابا أنّ الأنسنة المسيحيّة هي في انطلاق على الدوام، وأشار بعدها لواجب العمل لجعْل هذا العالم مكانًا أفضل، وقال إنّ إيماننا ثوريّ بدفع يأتي من الرّوح القدس، وشدّد على إتباع هذا الدفع للخروج من ذاتنا، لنكون أناسًا بحسب إنجيل يسوع.
وتحدّث الأب الأقدس بعدها عن الطوبى، وقال إنّ المسيحيّ يحمل فرح الإنجيل. وفي التطويبات، يرشدنا الربّ إلى الطريق، ويتكلّم يسوع عن السّعادة التي نختبرها فقط عندما نكون فقراء الرّوح. وأشار البابا فرنسيس إلى أن التطويبات التي نقرأها في الإنجيل تبدأ ببركة وتنتهي بوعد عزاء، وقال كي نتذوّق تعزية الصداقة مع يسوع المسيح، من الأهميّة بمكان أن يكون قلبنا منفتحًا. وأكّد الأب الأقدس أن الطوبى هي التزام عمل، مصنوعة من التجرّد والإصغاء والتعلّم، وثمارها تُجنى مع الوقت مقدّمة لنا سلامًا لا مثيل له "ذوقوا وانظروا ما أطيبَ الربَّ" كما جاء في المزمور الرابع والثلاثين...
أشار الأب الأقدس إلى أنّ التطويبات هي المرآة التي من خلالها ننظر إلى أنفسنا، وهي التي تجعلنا نعرف إذا كنّا نسير في الطريق الصحيح. وأضاف يقول إنّ الكنيسة التي تقدّم هذه الميزات الثلاث ـ التواضع والتجرّد والطوبى ـ هي كنيسة تعرف عمل الربّ في العالم، وفي الثقافة، وفي حياة الناس اليوميّة. وذكّر بعدها بما جاء في إرشاده الرسوليّ "فرح الإنجيل" حول أنّه يفضّل كنيسة مصابة ومجرّحة لأنّها سلكت الطرقات، على كنيسة سقيمة بسبب الانغلاق ورفاهيّة التمسك بأمانها الخاصّ. وأضاف البابا فرنسيس أنّ التجارب التي ينبغي مواجهتها كثيرة متوقفًا عند البيلاجية والغنوصية...
أشار الأب الأقدس إلى أنّ التطويبات والكلمات التي قرأناها حول الدينونة الأخيرة تساعدنا كي نعيش الحياة المسيحيّة في القداسة، وتابع كلمته قائلا: أدعو الأساقفة كي يكونوا رعاة. ليكن هذا فرحكم. وأوصي الكنيسة الإيطاليّة كلّها بما أشرتُ إليه في الإرشاد الرسوليّ "فرح الإنجيل": الادماج الاجتماعي للفقراء والقدرة على اللقاء والحوار لتعزيز الصداقة الاجتماعيّة في البلاد، ساعين للخير المشترك. وبهذا الصدّد، توقف البابا فرنسيس عند الرسالة العامّة "الإهتمام بالشأن الإجتماعيّ" ليوحنّا بولس الثاني متحدّثا عن محبّة الفقراء، كشكل خاص من الأولويّة في ممارسة المحبّة المسيحيّة التي يشهد لها كلّ تقليد الكنيسة. وأضاف أنّ الفقر الإنجيليّ خلاّق، يعضد ويُغنيّ بالرّجاء...
المجتمع الإيطالي يُبنى عندما تستطيع ثرواته الثقافيّة المتعدّدة الحوار بشكل بنّاء. لتكن الكنيسة خميرة حوار ولقاء ووحدة. وأشار إلى أنّ أفضل طريقة للحوار هي البناء معًا والقيام بمشاريع: ليس فقط بين الكاثوليك وإنّما مع جميع الذين لديهم الإرادة الطيّبة...
وتابع الأب الأقدس كلمته متوجّها إلى الشباب على وجه الخصوص وداعيًا إيّاهم ليكونوا قدوة في الكلام والسّيرة، وليكونوا بُناة إيطاليا. وحثّهم أيضا على الالتزام في الحوار الاجتماعيّ والسياسيّ... وتابع البابا فرنسيس قائلا: سيروا على الطرقات ورافقوا خصوصًا من هو على قارعة الطريق، وأينما كنتم لا تبنوا الجدران أبدًا بل ساحات ومستشفيات ميدانيّة...
وفي ختام كلمته في كاتدرائية SANTA MARIA DEL FIORE في فلورنسا أمام المشاركين في المؤتمر الوطنيّ الكنسيّ الخامس، قال البابا فرنسيس: تفرحني كنيسة إيطاليّة أكثر قربًا على الدوام من المتروكين والمنسيّين، أرغب بكنيسة فرحة مع وجه أمٍّ ترافق وتحبّ...
إذاعة الفاتيكان.