"علينا أن نتنبّه للحقد الذي يُعشِّش في قلوبنا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح يوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان والتي تمحورت حول المغفرة.
استهلَّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من سفر النبي دانيال (3/ 25 - 43) والتي تخبر عن عزريا الذي رُمي في أتون النار لأنّه لم يُنكر الرب ولكنّه لم يتذمَّر على الله بسبب ما جرى معه ولم يتذرَّع بأمانته له. بل ثبت على إيمانه وإعلانه لعظمة الله قائلاً: "أَيُّها الرَّبُّ الهنا، لا تَخذُلْنا إِلى الانقِضاء لأجلِ اسمِك، ولا تَنقُض عَهدَك. ولا تصرف رَحمَتَكَ عَنَّا..."
من ثمَّ يعترف بخطاياه وخطايا الشعب: "نحنُ اليَومَ أَذِلاءُ في كُلِّ الأَرض، لأَجلِ خَطايانا، ولكن لانسِحاقِ نفوسِنا، وتواضُعِ أرواحِنا، اقبَلنا". إنَّ الاعتراف بالخطايا هو الخطوة الأولى نحو المغفرة.
الاعتراف بالخطايا هو جزء من الحكمة المسيحيّة، وعندما نقترب من سرِّ الاعتراف علينا أن نتذكَّر على الدوام أنَّ الله قد أعطاني أمورًا كثيرة ولكنني وللأسف أخطأتُ وأهنتُ الربَّ وأطلب الخلاص. وتحدَّث الأب الأقدس في هذا السياق عن سيّدة كانت تتحدَّث في كرسي الاعتراف عن أخطاء حماتها لكي تُبرِّر نفسها إلى أن قال لها الكاهن: "جيّد ولكن اعترفي الآن بخطاياكِ".
هذا الأمر يطيب للرب، لأنَّ الرب يقبل القلب التائب كما يقول عزريا: "لا خِزيَ لِلمُتَوَكِّلينَ علَيكَ"، إنَّ القلب التائب يقول الحقيقة للرب: "لقد فعلتُ كذا وكذا، لقد خطئتُ إليك يا رب"، فلا يسمح له الرب بأن يُكمل، تمامًا كما فعل الأب في مثل الابن الشاطر، لم يسمح للابن بأن يُكمل بل غمره بحبِّه وغفر له كلَّ شيء.
تابع الأب الأقدس حاثًا الجميع على عدم الشعور بالخجل من الاعتراف بخطاياهم لأنَّ الرب الذي يُبرِّرنا لا يغفر لنا مرَّة واحدة وحسب بل على الدوام ولكن هناك شرط واحد: تأتي إلينا مغفرة الله شرط أن نغفر بدورنا للآخرين؛ وهذا الأمر ليس سهلاً لأنَّ الحقد يُعشِّش في قلوبنا ونحن نحمل في داخلنا هذه المرارة على الدوام. غالبًا ما نحمل معنا لائحة الأمور التي فعلها الآخرون لنا، فلان فعل لي كذا وذاك قال لي كذا...
وختم البابا فرنسيس عظته محذرًا من عدم السماح للحقد بأن يستعبدنا وقال هناك أمران سيساعداننا في فهم مسيرة المغفرة: "عظيم أنت يا الله ولكنني للأسف قد خطئت إليك"، و"نعم أغفر لك سبعين مرّة سبع مرات شرط أن تغفر بدورك للآخرين".
إذاعة الفاتيكان.