ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح يوم الخميس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلّها انطلاقًا من الإنجيل (متى 5/ 20 -26).
لإهانة تجرّد الآخر من كرامته، ويسوع يطلب منّا أن نتصالح: إن لم نهن الآخرين، نكون نسمح لهم بأن ينموا.
الرّبّ اختار مثلاً من الحياة اليوميَّة ليُفهمنا تعليمه حول الحبّ والمحبّة اللذين علينا إظهارهما لإخوتنا وأخواتنا، شارحًا مشكلة الإهانة.
الإهانات التي عدّدها يسوع قديمة قليلاً، إذ أصبح لدينا لائحة إهانات مزهرة وملوّنة أكثر… وعلى وصيّة “لا تقتل”، أضاف الرّبّ: من يغضب على أخيه سيُحاكَم، ومن يهين أخاه سيمرّ بالمحكمة.
بالنسبة إلى الرّبّ، الإهانة لا تنتهي بذاتها، بل هي بوّابة تنفتح، لأنّ الإهانة هي البدء بقتل الآخر وتجريده من صفاته، وسلبه حقّه بالاحترام ووضعه جانباً.
نحن الذين اعتدنا على التنفّس في بيئة من الإهانات، بدءاً من القيادة في ساعة الزحمة حيث يصبح الناس خلّاقين ليهينوا الآخرين! إنّ الإهانة هي تعدّ على حقّ الإنسان، إذ يصبح الأخير مجرّداً من حقّ التكلّم.
إنّ الإهانة خطرة لأنّها تولد أحياناً من الحسد. فعندما نجد أنفسنا أمام شخص معوّق مثلاً، لا نرغب في إهانته لأنّنا لا نشعر بأنّه يهدّدنا. لكن عندما يفعل شخص آخر شيئاً لا يعجبنا، نهينه وننعته بالمعوّق! وهذا يقتل مستقبل الإنسان ويقضي على سبيله. والحسد هو ما يفتح الباب على ذلك.
كتاب الحكمة يعلّمنا أنّ الشيطان دخل إلى العالم عبر الحسد، ذاك الحسد الذي يتسبّب بالموت… الحسد يُسمّم الرُّوح ويُفسدها، وهو ما يدفع بالأشخاص إلى إهانة الآخرين والقضاء عليهم.
إلّا أنّ يسوع أوقف هذا الطريق المميت وقال: “إن كنت تصلّي وأدركت أنّ لأحد إخوتك شيء عليك، اترك كلّ شيء واذهب لتتصالح معه”. إنّ المصالحة ليست تهذيباً بل هي تصرّف جذريّ ضروريّ يبحث عن احترام كرامة الآخر وكرامتي. من الإهانة إلى المصالحة، ومن الحسد إلى الصداقة. هذا هو الطريق الذي يدلّنا عليه يسوع اليوم.
بأيّ طريقة أهين الآخرين؟ ولأيّ مناسبة؟ وهل في جذور إهانتي للآخرين حسد يحملني على تدميرهم لأتفادى المنافسة؟؟ هذا ليس سهلاً، لكن فلنفكّر في جمال عدم إهانة الآخرين مطلقاً. فبهذا، نكون نسمح لهم بأن ينموا! فليمنحنا الرّبّ هذه النعمة.
موقع زينيت.