ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الإثنين القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بمناسبة عيد كرسي بطرس واحتفالاً بيوبيل الكوريا الرومانية وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلّها بالقول لقد عبرنا الباب المقدس ووصلنا إلى ضريح القديس بطرس لنعلن إيماننا وفي هذا السياق تنير كلمة الله اليوم تصرفاتنا بشكل مميّز.
في هذه اللحظة يكرّر الرب يسوع لكل منا سؤاله: "وَمَن أَنا في قَولِكُم أَنتُم؟" (متى ١٦، ٥). سؤال واضح ومباشر لا يمكننا أن نهرب منه أو أن نقف أمامه غير مبالين كما ولا يمكننا أن نؤجِّل الجواب لوقت لاحق أو أن نفوّضه لشخص آخر. كما وأن هذا السؤال ليس سؤال استقصاء لا بل هو سؤال مفعم بالمحبّة! محبة معلّمنا الأوحد الذي يدعونا اليوم لنجدّد الإيمان به ونعترف به كابن لله وربٍّ لحياتنا.
وأول شخص مدعو لتجديد إعلان إيمانه هو خليفة بطرس الذي يحمل على عاتقه مسؤوليّة تثبيت الإخوة.
لنسمح للنعمة بأن تطبع قلوبنا مجدّدًا فنؤمن، وتفتح أفواهنا فنعلن إيماننا بالكامل وننال الخلاص. ولتكن كلماتنا كلمات بطرس: "أَنتَ ٱلمَسيحُ ٱبنُ ٱللهِ ٱلحَيّ" (متى ۱٦، ۱٦). لتكن أفكارنا وأنظارنا موجّهة نحو يسوع المسيح مبدأ وهدف كل عمل في الكنيسة.
إنه الأساس "وما مِن أَحدٍ يَستَطيعُ أَن يَضَعَ غَيرَ الأَساسِ الَّذي وُضعَ" (١ كور ۳، ١١). إنه الصخرة التي ينبغي علينا أن نبني عليها. وهذا ما تذكّرنا به كلمات القديس أغوسطينوس عندما يكتب أن الكنيسة وبالرغم من أنها تهتزّ وتضطرب بسبب أحداث التاريخ لا تسقط أبدًا لأنّها مؤسسة على الصخرة، التي منها يأخذ بطرس اسمه.
يولد من إعلان الإيمان هذا واجب كل منا بالإجابة على دعوة الله. يُطلب من الرعاة أولاً أن يكون مثالهم الله الذي يعتني بقطيعه. وفي هذا السياق يصف النبيّ حزقيال أسلوب تصرّف الله: هو يذهب بحثًا عن الخروف الضال ويرد الشارد ويجبر المكسور ويقوّي الضعيف ( حزقيال ۳٤، ۱٦). تصرف يشير إلى المحبّة التي لا تعرف الحدود. إنّه تكرس أمين وثابت وغير مشروط لكي تصل رحمته للأكثر ضعفًا جميعهم.
وبالتالي سيساعدنا نحن أيضًا، الذين دعينا لنكون رعاة في الكنيسة، أن نسمح لوجه الله، الراعي الصالح، بأن ينيرنا ويطهّرنا ويحوّلنا ويعيدنا مجدّدين إلى رسالتنا؛ فنشعر أيضًا في بيئات عملنا أنه بإمكاننا أن نعزز ونعيش روحًا راعويًّا تجاه الأشخاص الذين نلتقي بهم يوميًّا، فلا يشعر أحد بالإهمال أو بسوء المعاملة بل يتمكن كل فرد من أن يختبر الإهتمام المحب للراعي الصالح.
نحن مدعوون لنكون معاونين لله في رسالة أساسيّة وفريدة فنشهد من خلال حياتنا لقوّة النعمة التي تحوّل وقوّة الروح القدس الذي يجدّد. لنسمح للرّبّ بأن يحررنا من كل تجربة تُبعدنا عن الجوهري في رسالتنا ونكتشف مجدّدًا جمال إعلان الإيمان بالرب يسوع.
إن الأمانة للخدمة تقترن بالرحمة التي نريد اختبارها، والكتاب المقدس يقدّم لنا الأمانة والرحمة في وحدة لا تنفصل، فحيث تكون الواحدة تكون الأخرى أيضًا، وفي تبادلهما وتكاملهما يمكننا أن نرى حضور الراعي الصالح. إن الأمانة التي تُطلب منا هي تلك التي تجعلنا نتصرّف بحسب قلب المسيح. وكما سمعنا في كلمات القديس بطرس الرسول، ينبغي علينا أن نرعى القطيع بسخاء لنصبح قدوة للجميع؛ بهذا الشكل، وعندما "يظَهَرَ راعي الرُّعاة" يمكننا أن ننال "إِكليلاً مِنَ المَجدِ لا يَذبُل" (١ بط ٥، ١٤).
إذاعة الفاتيكان.