"يوم قويّ جدًّا بالنسبة لي" هكذا افتتح قداسة البابا فرنسيس المؤتمر الصحفيّ على متن الطائرة التي أقلته في طريق عودته من اليونان إلى روما عصر السّبت الماضي وأكّد أنّ هذه الزيارة كانت ذات طابع إنسانيّ وشدّد على ضرورة بناء جسور حوار وإدماج.
تحدّث البابا أوّلاً عن الرّسومات التي قدّمها له الأطفال والتي تعبّر بمجملها عن الخلاص والغرق والموت وحيث يمكن أيضًا رؤية الشّمس التي تبكي، وإذ عرضها على الصحافيين قال الأب الأقدس هؤلاء الصِّغار يريدون السَّلام. أنظروا هذا الرّسم أيضًا لقد رأوا طفلاً يغرق... هذه هي الأمور التي يحملها الأطفال في قلوبهم. لقد كان يومًا مُحزنًا بالفعل.
تابع الحبر الأعظم شارحًا أنّ هذه الزيارة لم تكن زيارة سياسيّة تتعلّق بالاتفاقيّات حول المهاجرين بين الاتّحاد الأوروبيّ وتركيا، وإنّما كانت زيارة إنسانيّة، بين النّاس ومن أجل النّاس، وأكّد أنّه يفهم الحكومات والأشخاص الخائفين من ظاهرة الهجرة ولكنّه شدّد على مسؤوليّة الاستقبال وقال من الأهميّة بمكان أن تضع أوروبا سياسات استقبال وإدماج ونمو وعمل وإصلاح اقتصاديّ... لأنَّ جميع هذه الأمور هي جسور تحملنا لعدم بناء جدران.
وحول استقبال العائلات الثلاثة التي حملها معه إلى إيطاليا شرح الحبر الأعظم أنّ الاختيار لم يتمّ بحسب الديانة وإنّما لأنّ الأوراق الثبوتيّة كانت تستوفي الشّروط، وقال لقد كان هناك – على سبيل المثال – عائلتان مسيحيّتان على رأس القائمة ولكن أفرادهما لم تكن أوراقهم الثبوتيّة تتماشى مع الإجراءات القانونيّة وبالتالي فالأمر ليس امتيازًا، لأنّ هؤلاء الأشخاص الإثنيّ عشر جميعهم أبناء الله، وهذا هو الامتياز الوحيد بأنّهم أبناء الله.
بعدها توقّف الحبر الأعظم عند موضوع الإدماج وتحدّث عن الاعتداءات الحديثة التي حصلت في أوروبا مذكِّرًا أنّ بعض الإرهابيِّين الذي قاموا بهذه الاعتداءات هم أبناء وأحفاد لأشخاص قدموا إلى أوروبا منذ زمن طويل وأشار في هذا السِّياق إلى أنَّ أسباب هذه الأمور تكمن في نقص في سياسات إدماج فعّالة وقال ينبغي على أوروبا اليوم أن تستعيد قدرتها هذه على الإدماج والتي تمتّعت بها على الدوام، وبالتالي أعتقد أنّنا بحاجة لتعليم وتربية حول الإدماج.
هذا وأكّد البابا فرنسيس أن ليس هناك تمييز بين الشّخص الذي يهرب من الحرب والشّخص الذي يهرب من الجوع لأنّ كليهما يهربان من الإستغلال، وذكّر في هذا السِّياق بوضع الأشخاص الذين يهاجرون من أمريكا اللاتينية إلى أمريكا الشماليّة واستشهد بقول الأمّ تريزا ليجيب على سؤال حول قيمة زيارته هذه وقال إنّ التصرفات الصَّغيرة تغيّر العالم، ولكن ينبغي علينا جميعًا أن نقوم بهذه التصرفات الصّغيرة، رجالاً ونساء، ونمدَّ أيدينا للأشخاص المعوزين.
وفي جوابه على سؤال حول الإرشاد الرسوليّ "فرح الحبّ" أكّد البابا فرنسيس أنّ بعض الأمور قد تغيّرت فيما يتعلًّق بالمُطلّقين الذين تزوجّوا مجدّدًا ولكنّه أوصى – للحصول على جواب أعمق – بقراءة مداخلة الكاردينال كريستوف شونبورن في تقديمه للإرشاد الرسوليّ.
وأشار الأب الأقدس في هذا السِّياق إلى أنَّ وسائل الإعلام قد أعطت أهميّة كبيرة لمسألة منح المناولة للمُطلّقين الذين تزوجّوا مجدّدًا وتجاهلت مسائل أخرى لا تقل أهميّة كالأزمة التي تعيشها العائلة في العالم بأسره، وقال العائلة هي أساس المجتمع! ألم يتنبّه أحد أن الشباب لا يريدون أن يتزوجوا؟ ألم يتنبّه أحد أن هبوط معدل الولادات في أوروبا هو أمر محزن جدًّا؟ ألم يتنبّه أحد أن نقص العمل وإمكانيات العمل قد أجبرت الآباء والأمهات على القيام بوظيفتين ممّا يؤدّي إلى نمو الأطفال وحدهم فلا يتعلّموا النموّ في الحوار مع والديهم؟
إذاعة الفاتيكان.