"اختيار الابتعاد عن الله هو العقاب الأبديّ" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان وحذّر الأب الأقدس المؤمنين في هذا السياق من عدم التحاور مع الشيطان المغري والمخادع وأن يستعدوا للقاء الرّبّ في يوم الدينونة بقلب متواضع.
في هذه الأيّام الأخيرة من السنة الطقسيّة توجّهنا الكنيسة للتأمّل حول نهاية العالم وقد توقّف الأب الأقدس في عظته حول هذا التأمل اليوم أيضًا انطلاقًا من سفر رؤيا القدّيس يوحنا (20/ 1 -4، 11- 15، 21/ 1 -2) وقال متسائلاً: كيف ستكون الدينونة العامّة وكيف سيكون اللقاء الأخير مع يسوع؟
إنّ أوّل من سيُحاكم هو "التِّنّيِنَ ٱلحَيَّةَ القَديمَة، وَهِيَ إِبليسُ وَالشَّيطان" والملاك قد هبط "مِنَ السَّماء، بِيَدِهِ مُفتاحُ الهاوِيَةِ وَسِلسِلَةٌ كَبيرَة... وَأَلقاهُ في الهاوِيَة، ثُمَّ أَقفَلَ عَلَيهِ وَخَتَمَ، لِئَلا يُضِلَّ ٱلأُمَم".
إنّه كاذب لا بل هو أب الكذب ويولِّد الكذب! إنّه مخادع. يجعلك تعتقد أنّك إن أكلتَ التُفاحة فستُصبح كالله. يشتريك بخداعه ويخدعك ويدمِّر حياتك. قد يقول لي أحدكم: "ولكن يا أبتي ماذا يمكننا أن نفعل لكي لا نسمح له بأن يخدعنا؟" يعلّمنا يسوع ألا نتحاور أبدًا مع الشيطان؛ لا مجال أبدًا للحوار مع الشيطان! ماذا فعل يسوع مع الشيطان؟ لقد كان يسأله اسمه ويطرده، لكنّه لم يحاوره أبدًا.
حتى في البريّة لم يستعمل يسوع أي كلمة من كلماته لأنّه كان يدرك الخطر الذي يواجهه وبالتالي في أجوبته الثلاثة التي أعطاها للشيطان دافع عن نفسه من خلال كلمة الله وكلمة الكتاب المقدّس. وبالتالي لا يجب أن نتحاور أبدًا مع هذا الكاذب والمخادع الذي يسعى على الدوام كي يدمّرنا ولذلك سيُلقى في الهاوية.
في سفر الرؤيا نجد أيضًا "نُفوسَ الَّذينَ ضُرِبَت أَعناقُهُم مِن أَجلِ شَهادَةِ يَسوعَ وَكَلِمَةِ الله، وَالَّذينَ لَم يَسجُدوا لِلوَحشِ وَلا لِصورَتِهِ" أي للمال وروح العالم والغرور وتخبرنا القراءة أيضًا أن الرّب سيدين "الكبار والصغار" على أعمالهم وأن الذين حُكم عليهم بالموت سيلقون "في مُستَنقَعِ النّار. وهَذا هُوَ المَوتُ ٱلثّاني، مُستَنقعُ النّار".
إنّ العقاب الأبديّ ليس غرفة تعذيب إنّه مجرّد تشبيه وإنّما العقاب هو موت ثانٍ، وهؤلاء الذين لن يُقبلوا في ملكوت الله فذلك لأنّهم لم يقتربوا من الرّب. إنّهم الأشخاص الذين ساروا في سبيلهم وابتعدوا عن الرّبّ والعقاب الأبديّ بالنسبة لهم هو هذا الابتعاد المستمرّ عن الله، بُعد أبديّ عن الله الذي يعطينا السعادة، عن الله الذي يحبّنا وهذا هو مستنقع النار.
إن فتحنا قلوبنا كما يطلب منّا يسوع ولم نسِر في سبيلنا فسننال الفرح والخلاص وسماء جديدة وأرضًا جديدة. لنسمح إذًا ليسوع بأن يلمسنا بحنان ويغفر لنا بدون كبرياء وإنّما برجاء ولنقبل الرّجاء الذي يفتح القلوب على اللقاء بيسوع، لأنّ هذا ما ينتظرنا: اللقاء بيسوع وهذا أمر جميل جدًّا؛ وكلّ ما يطلبه منّا فقط هو أن نكون متواضعين وندعوه قائلين: "يا ربّ"، تكفيه هذه الكلمة منّا وهو سيقوم بالباقي!
إذاعة الفاتيكان.