اختتام سنة الرحمة اليوبيلية وإضاءة صليب قبة كاتدرائية مار جرجس المارونية

متفرقات

اختتام سنة الرحمة اليوبيلية وإضاءة صليب قبة كاتدرائية مار جرجس المارونية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لبى الآلاف من اللبنانيين دعوة رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر إلى مشاركته مباركة قبة برج كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت وإضاءة الصليب المقدس، بعد القداس الذي ترأسه لمناسبة اختتام يوبيل سنة الرحمة الإلهيّة وإغلاق الباب المقدس، باب الرحمة في الكاتدرائية، وشارك فيه النائب البطريركي العام المطران حنا علوان ممثلاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والسفير البابوي في لبنان المونسنيور غبريال كاتشا والنائب العام لأبرشية بيروت المونسنيور جوزيف مرهج والنائب الأسقفي للشؤون الراعوية المونسنيور أنطوان عساف والقيم العام لأبرشية بيروت الخوري شربل بشعلاني ورئيس كهنة الكاتدرائية المونسنيور إغناطيوس الأسمر ولفيف من الكهنة والرهبان والراهبات.

القداس الحاشد الذي سبقته قراءة رسالة البابا فرنسيس في ختام سنة الرحمة، حضره الوزير سجعان قزي والنائب الشيخ نديم الجميل والنائب الدكتور ناجي غاريوس وعميد المؤسسة المارونية للإنتشار الوزير السابق ميشال إده ورئيسها نعمت افرام والوزير السابق ريمون عودة وأعضاء المجلس العام الماروني والرابطة المارونية ومجالس راعوية وهيئات نقابية وقضائية وسياسية وأكاديمية وتربوية.

 


بعد الإنجيل المقدس، ألقى مطر عظة شكر فيها كل من ساهم في إعادة بناء الكاتدرائية وبناء قبتها، وقال فيها:

 

"نحتفل هذا المساء بالقدّاس الإلهي في مناسبة اختتام يوبيل سنة الرحمة الإلهية التي أعلنها قداسة البابا فرنسيس، وافتتحها في روما في الثامن من شهر كانون أول سنة 2015. وإننا نشكر من صميم القلب أبانا صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي بطريرك إنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى الذي يبارك جمعنا بمشاركة نائبه العام سيادة المطران حنا علوان السامي الاحترام، ونسأل سيادته أن ينقل إلى مقامه السامي مشاعر ولائنا ومحبتنا لشخصه الكريم وتأكيدنا الصلاة من أجله كل حين ليقود سفينة الكنيسة إلى شاطئ الأمان.

 

كما نشكر حضور سعادة السفير البابوي المطران غبريال كاتشا الذي يحمل إلى جمعنا هذا بركة خاصة من قداسة البابا فرنسيس. وإننا نعرب أمامكم ومعكم عن فرحنا الكبير بانتخاب فخامة العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. فهو لم يملأ بقدومه فراغ كرسي الرئاسة في البلاد وحسب، بل ملأ قلوب جميع اللبنانيين أملا ورجاء بفجر جديد يطل على الوطن لمجرد اعتلائه السدة الأولى في البلاد. فهو الربان الحكيم والأب الموحد لجميع الأطياف على محبة لبنان وعلى الثقة بمستقبله وبدوره الفريد في منطقته والعالم كمثال للعيش المشترك الكريم بين جميع مواطنيه.

كم كانت علينا نعمة عظيمة أن يعلن قداسة البابا السنة المنصرمة يوبيلاً نتأمل فيه بالرحمة الإلهيّة، وذلك خلاصًا لنفوسنا ومساعدة للناس على التخلص من القساوة في العلاقات ومن ظلم العداوات، ومن وطأة الحروب التي لا طائل تحتها، فيسيروا بهدي من هذه الرحمة على طرق تؤدي بهم إلى استرجاع ما فقدوه من روح الأخوة والتضامن فيما بينهم، دونما تفرقة ولا تمييز. ولقد كانت هذه الدعوة إلى التأمل بسر الرحمة الإلهية موجهة من لدن قداسته إلى المسيحيين بالأولوية، ليكونوا في كنيستهم رسل رحمة وشهودًا لما تمليه الرحمة عليهم من واجب في أن يلتزموا بها في حياتهم.

 

فيقول البابا لهم جميعّا إن "الله هو في جوهره وكيانه، محبة ورحمة". وقد ظهرت محبته في خلقه العالم إذ لم يكن بحاجة إلى خلقه، بفعل العطاء المجاني الذي لا يبغي منه سوى أن يذوق العالم طعم محبة خالقهم وينعم بها ويسعد. وقد ظهرت هذه المحبة ظهور الرحمة بخاصة عندما وقع الناس في الخطيئة وتمردوا على الله. فلم يهلك الله الخطأة وهم جبلة يديه بل رحمهم بحنان إلهي لا يوصف، وغفر لهم ذنوبهم ودعاهم من جديد إلى عيش البنوة تجاه خالقهم والمحبة والأخوة بعضهم تجاه بعض".

تأملنا بكلام البابا في هذه الرحمة على مدار سنة كاملة وأدركنا إدراكا أعمق إن المسيح هو الذي أظهر رحمة الآب بأبهى صورها عندما تجلت فيه عبر بذل ذاته فداء عنا، وإن المطلوب من الكنيسة هو أن تظهر في العالم رحمة الله بيسوع المسيح. وذلك إلى حد التأكيد بأن كنيسة لا تعيش الرحمة ولا تشهد لها لا يمكن أن تدعى كنيسة المسيح، وإن أي مسيحي لا يعيش الرحمة في محيطه لا يحق له القول بأنه مسيحي، بل هو خارج عن المسيح ومنقطع عن محبته.

 

ومن أجل تقدمنا في عيش الرحمة كرسنا في الأبرشية هذه الكنيسة الكاتدرائية في بيروت كنيسة حج وصلاة لجميع المؤمنين في رعايانا المئة والثلاثين، وافتتحنا بابا من أبوابها وهو الذي أغلقناه اليوم، ليكون رمزا للمسيح الباب الذي يدخل منه المخلصون إلى بيت الله أبيهم في الملكوت المقدس.

 

كما طلب منّا قداسة البابا أن نرسل اثنين من كهنتنا الأعزّاء هما حضرة ولدينا المونسنيور اغناطيوس الأسمر خوري هذه الكاتدرائية والخوري يوسف عساف الخادم في رعية سن الفيل ليكونا رسولي الرحمة إلى كل رعايانا ومدارسنا ومؤسساتنا مع السلطان بأن يغفرا الخطايا في كراسي الإعتراف حتى المحفوظة منها للكرسي الرسولي. وقد لبت 43 رعية عندنا مع كهنتها ومؤمنيها دعوتنا لزيارة هذه الكنيسة للتوبة ولاستنزال نعمة الرحمة إلى كل القلوب.

 

فإننا نشكر الله في نهاية هذا اليوبيل على النعم التي أغدقت على شعبنا الحبيب، وعلى كل ما تغير في لبنان وتبدل، بفعل التفاهم الذي جمع صفوف المسؤولين عندنا وصولا بهم إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعلى الأمل أن يكمل هذا المنحى التوافقي المبارك لنستعيد على صعيد الوطن كله مصالحتنا الشاملة التي تبقى ذخرنا الأول والأخير في حياتنا معا وفي رسالتنا الوطنية الرائعة.

ربما كنا في المنطقة أيضا على تطور آت من الحرب إلى السلام وذلك بفضل دماء الشهداء الذين يسقطون فيها، وبفضل الدفع الذي يقوم به قداسة البابا نحو المصالحة بين الدول والشعوب ونشدانه السلام عبر الحوار والتفاوض واستعمال قوى العقل فوق كل قوة وصولا إلى التراحم الذي من الله منبعه وليس أحد من سواه.

 

وكم يطيب لنا أيضا في هذا المساء العابق بالحب والرجاء أن نزف إليكم بشرى رفع الصليب المقدس وإنارته فوق القبة الجديدة لهذه الكاتدرائية الحبيبة. إنه صليب الرحمة الإلهيّة المتجليّة بأبهى حلة يمكن أن يتصورها بشر. فلقد رفعت هذه الكنيسة بإذن الله منذ مئة واثنتين وعشرين سنة وهي صورة مصغرة كما قال بانيها عن بازيليك القديسة مريم الكبرى في روما. لكن كنيسة روما قد حملت قبة عالية فوق سطحها منذ البداية.

 

أما كنيستنا فلم يقم لها المطران المؤسس قبتها المعهودة. فقمنا بها بعد قرن ونيف من الزمن في مناسبة ترميم الكنيسة ونزع آثار الحرب التي أصابتها على خطوط التماس. وقد وضعنا نصب أعيننا في هذا العمل الجميل لبنان الرسالة والعيش المشترك بيننا وبين أخواننا الأعزاء الذين يؤمنون إيمانا راسخا بالله الرحمن الرحيم. ورغبنا في أن تتعانق رموزنا الدينية في بيروت كما في كل لبنان. وقد وفقنا الله في ذلك له المجد أبد الدهور. فارتفع صليب جديد في سماء المدينة على مقربة من المنائر الجميلة الأربعة وبشكل متناسق معها.

سنضيء هذا الصليب بعد القداس ليكون بدوره معلم هداية للمسافرين على دروب الحياة. فالصليب الذي تقدس بارتفاع المسيح عليه، قد صار لنا جسر عبور من الموت إلى القيامة والحياة. وهو في الإنفتاح الأفقي لذراعيه يوجه الدعوة إلى أبناء الأرض جميعًا ليتوحدوا بالحبّ لأنهم خليقة واحدة لرب واحد وهو الذي في السماء.

 

وفي اتجاهه العمودي يرمز إلى العلاقة المتصلة بين الأرض والسماء. لأن من علق عليه اكتسب غفران خطايانا من الله الآب، ومنحنا الفرصة الثمينة لكي نسمو عن مسطحات الأرض فتنزل علينا نعم السماء التي تجعل من كل واحد منا إنسانا جديدا مزينا بالفضائل ومكارم الأخلاق. هكذا يقع التفاهم بيننا في لبنان وتتجدد فينا ثقة راسخة ومستمرة، وتتوقف الحروب في دول الشرق بين إخوان لنا هم أيضا كرام وأعزاء، وينزل سلام الله في القلوب وفي الربوع.

لنرفع أنظارنا معًا إلى العلاء، كما تدعونا شعائرنا المرفوعة في سماء عاصمتنا، ولنسع في إثر السلام في لبنان والمنطقة، فنرتفع فوق قاماتنا ونتحول بنعمته تعالى إلى رسل رحمة ومحبة وعدل ينالون بأعمالهم مرضاة ربهم ويسكب عليهم من حيث رفعوا إليه أبصارهم فيضا سخيا من نعمه وبركاته.

 

 

 

 

الوكالة الوطنية للإعلام.