إعلان، خدمة ومجانيّة: حول هذه الأبعاد الثلاثة للبشارة تمحورت عظة الأب الأقدس في القدَّاس الإلهيّ الذي ترأسه صباح يوم الإثنين في كابلة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان؛ استهلَّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من سِفر أعمال الرُّسل الذي يُخبرنا عن برنابا الرَّسول وإنجيل القدِّيس متى الذي نقرأ فيه قول يسوع لتلاميذه "إِذهَبوا وَأَعلِنوا في الطَّريق، أَن قَدِ اقتَرَبَ مَلَكوتُ السَّمَوات. إِشفوا المَرضى، وَأَقيموا المَوتى، وَأَبرِئوا البُرص، وَأَطرِدوا الشَّياطين. أَخَذتُم مَجّانًا، فَمَجّانًا أُعطوا".
الرُّوح القدس هو رائد الإعلان الذي ليس مجرّد عظة بسيطة أو نقل لبعض الأفكار بل هو شعارٌ ديناميكيٌّ قادر على تغيير القلوب بفضل عمل الرُّوح القدس. لقد رأينا خططًا راعويّة مُحكمة وكاملة ودقيقة ولكنّها لم تكن أدوات للبشارة لأنَّها كانت وبكلِّ بساطة هدفًا لذاتها وغير قادرة على تغيير القلوب. إنَّ يسوع لا يُرسلنا لنتحلّى بمواقف تجاريّة لا! ولكنّه يُرسلنا مع الرُّوح القدس وهذه هي الشجاعة. والشجاعة الحقيقيّة للبشارة ليست مجرّد عناد بشريّ، لا! بل الرُّوح القدس هو الذي يُعطينا الشجاعة ويحملنا لنسير قدمًا.
أمَّا البُعد الثاني للبشارة والذي شدّد عليه البابا في عظته هو الخدمة التي نقدِّمها أيضًا في الأمور الصَّغيرة، وبالتالي فالإدِّعاء بأنَّنا نريد من يخدمنا بعد أن نكون قد شغرنا وظيفة مهمّة في الكنيسة أو في المجتمع هو أمر خاطئ. إنَّ الوصوليّة في الكنيسة هي العلامة بأنَّ الشّخص لا يعرف ما هي البشارة حقًا لأنّه ينبغي على الذي يحكم أن يكون كالذي يخدم.
يمكننا أن نعلن أمورًا صالحة ولكن إن كانت بدون خدمة فهي ليست بشارة لأنَّ الرُّوح القدس لا يحملك فقط كي تعلن حقيقة وحياة الرَّبّ ولكنّه يحملك أيضًا إلى الإخوة والأخوات لتخدمهم. الخدمة، حتى في الأمور الصَّغيرة. إنّه لأمرٌ سيِّئ جدًّا عندما نرى مبشّرين يبحثون عمّن يخدمهم ويعيشون ليُخدَموا. إنّه أمرٌ سيِّئ لأنّهم يعيشون كأمراء للبشارة!
وفي النهاية، المجانيّة، لأنّه ما من أحد يمكنه أن يخلُص بفضل استحقاقاته. والرَّبُّ يذكّرنا قائلاً: "أَخَذتُم مَجّانًا، فَمَجّانًا أُعطوا". إنَّ يسوع المسيح قد خلَّصنا جميعًا مجّانًا وبالتالي علينا أن نُعطي مجانًا؛ على العاملين الرَّاعويِّين أن يتعلَّموا من هذا الأمر إذ ينبغي على حياتهم أن تكون مجانيّة وخدمة وإعلان تحت إرشاد الرُّوح القدس وبالتالي على فقرهم أن يدفعهم لكي ينفتحوا على الرُّوح القدس.
إذاعة الفاتيكان.