عقدت قبل ظهر يوم الجمعة ندوة صحفيّة في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، حول "إطلاق السّنة اليوبيليّة المئويّة الأولى لظهورات عذراء فاطيما البرتغال، ووضع تمثالها للتكريم ليكون دير سيّدة الإنتقال للآباء الكبوشيّين مركز حجّ في بلدة عبيه".
شارك فيها النائب الرَّسوليّ للّاتين في لبنان المطران سيزار أسايان، مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، الرئيس الإقليمي للآباء الكبوشيّين الأب طانيوس رزق ممثلاً بنائبه والمستشار الأول في الرَّهبنة الكبوشيّة الأب مخايل مغامس، رئيس دير سيِّدة الإنتقال في عبيه الأب اندريه رزق الله، نائب رئيس بلدية عبيه وعين درافيل الأستاذ يوسف غريّب، وحضور الاب شارل سلهب، الشاعرة مي منصور وعدد من الإعلاميّين والمهتمّين.
رحَّب الخوري عبده أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال:
"نلتقي اليوم لنعلن عن تكريس دير الآباء الكبوشيِّين في عبيه مزارًا رسميًا لسيدة فاطيما بمناسبة المئوية الأولى لظهوراتها ومن المعلوم أنّه في أواخر الشّهر المُقبل سوف تكون هناك زيارة حجّ إلى فاطيما لعدد كبير من اللبنانيّين حيث سيشارك رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان غبطة أبينا البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الرّاعي في احتفالات المئوية التي ستقام في البرتغال مع عدد كبير من الأساقفة والكهنة والرُّهبان والرَّاهبات العلمانيِّين.
إنّ إحتفالات مئويّة ظهورات فاطيما، هي أزمنة بركة وسلام ومحبّة سنعيشها نحن في لبنان أيضًا، من ضمن الإحتفالات التي ستقام في هذه المناسبة، وفي هذا المجال نجدّد الترحيب اليوم بصاحب السيادة المطران سيزار أسايان، النائب الرَّسوليّ للاتين في لبنان والوفد المرافق من الآباء الأجلاء شاكرين لهم هذه المبادرة التي من شأنها أن تعزّز الرِّسالة المسيحيّة في الجبل وتشد أواصر العيش المُشترك، لنشهد ونعمل من أجل بناء ثقافة السَّلام والمحبَّة التي هي في صلب دعوتنا المسيحيِّة.
في هذه الأيّام المريميّة من شهر أيّار المُبارك نسأل أمّنا مريم العذراء أن تبارك عيالنا وبيوتنا، وتحفظ لنا لبناننا، وتلهم المسؤولين فيه ليحكموا ضمائرهم ويعملوا من أجل خلاص هذا الوطن."
ثمّ كانت كلمة المطران سيزار أسايان إلى أبناء الطائفة اللاتينيّة في لبنان فقال:
"إنّ السنة اليوبيليّة المئوية لظهورات عذراء فاطيما هي مناسبة لنا جميعًا لأكتشاف دعوة أمّنا مريم في تاريخ السّلام للأحتفال بها بصفتها أمّ الله وأمّ الكنيسة، ولكي نسّلم ذاتنا بين يديها، فنتعلّم منها كيف نستقبل ابنها سيّدنا يسوع المسيح ونحبّه من كلّ ذاتنا ونفسنا وقوّتنا وكيف نشهد له في عالمنا اليوم.
ولهذه المناسبة قرّرنا مع كهنة الرعايا اللاتين أن يكون "دير الأباء الكبوشيين في عبّيه – منطقة عاليه" مكان الحَجّ المريميّ للسنة اليوبيليّة المئوية لظهورات عذراء فاطيما نظرًا لرمزيته. قبل الحرب الأهليّة كان يتضّمن كنيسة ودير وميتم لأكثر من 400 طفل وشاب، ومؤسّسة اجتماعيّة تضمّ العديد من الحالات، ومدرسة مهنيّة. حالياً تّم ترميم الكنيسة والدير فقط. واخترنا منطقة عبّيه لكي نقدّم لأمّنا مريم معاناة الحرب الأهليّة التي ما زلنا ندفع ثمنها حتى هذه اللحظة، ولكي نعبِّر أيضاً عن امنيتنا بالعيش المشترك السِّلميّ والأخويّ في بلدنا.
لذلك سنضع في عهدة الأباء الكبوشيِّين في عبيه تمثال العذراء فاطيما الذي كان قد قدّمه سيادة المطران ليريا سنة 1967 لكاتدرائية القدّيس لويس للاتين والذي كان قد تضرّر خلال الأحداث الأخيرة وتّم ترميمه من قبل الرّاهبات الكرمليّات في كفرمسحون.
ولكي لا تتعدّد الاحتفالات اخترنا التركيز على البرنامج الذي أعدّته العائلة الفرنسيسيّة والآباء العازاريين في 12 و13 من الشّهر الجاري للاحتفال بالسنة اليوبيليّة المئوية لظهورات عذراء فاطيما. سنكون باتّحاد في صلواتنا مع الأب الأقدس، البابا فرنسيس الذي سيكون في مزار العذراء فاطيما ومعه سنُجدّد تقدمة نفوسنا لأمّنا مريم العذراء. ندعوكم لملاقاتنا للأحتفال سوياً في المكان الذي ترونه مناسباً.
أمّا برنامجنا لهذه السنة اليوبيليّة، فإنّنا بصدّد تحضير يوم مريميّ نهار السبت 12 آب 2017 في دير تعنايل . كما سنختتم هذه السنة اليوبيليّة لمئويّة ظهورات عذراء فاطيما نهار السبت 12 أيار 2018 في كاتدرائيّة القدّيس لويس في وسط بيروت.
أدعو أبناء الطائفة اللاتينيّة في لبنان من عائلات ومدارس وجمعيّات، رهباناً وراهبات وعلمانيّين لعيش هذا اليوبيل مع مريم بالقيام بمسيرات حجّ ورياضات روحيّة الى عبيّه أو الى أي مكان آخر ترونه مناسبًا بهدف التعمّق أكثر في الروحانيّة المريميّة يحسب تعاليم الكنيسة، وتقوية الإيمان بربّنا وسيّدنا يسوع المسيح."
ثمّ كانت كلمة الأب مخايل مغامس الكبُّوشي قدّم فيها "لمحة تاريخيَّة موجَزة عن تواجُد الكبُّوشيِّين في بلدة عبيه" وقال:
"حوالَي المئة سنة من بعد نشأة الإصلاح الكبُّوشي في إيطاليا سنة 1525، أي في سنة 1622 بدأت الرَّهبنة الكبُّوشيّة تنظُر إلى منطقة الشّرق الأوسط، وبالتَّحديد المنطقة التي كانت تُسمَّى الأمبراطوريّة العثمانيَّة. لقد وَصَل الأب pacifique الكبُّوشي، بعدَ جولة في الأمبراطوريَّة العثمانيّة، إلى ميناء صيدا في 19 آب بعد عيد سيّدة الانتقال بأربعة أيّام. استكمالاً لهذه الجولة واللقاءات، وبعد دراسَةٍ مُعمَّقة للوضع في لبنان، وضَع الأب جوزيفTremblay برنامجًا لرسالة الكبُّوشيين في المنطقة ببركة البابا غريغوريوس الرابع عشر.
رحَّبَ البطريرك المارونيّ يوحنَّا مخلوف بمجيء الكبُّوشيين للتعليم والتنشئة والاستشفاء وغيرها من الخدمات ودَعَم ذلكَ أيضًا الأمير فخر الدِّين. إذن، سنة 1626 كانت بداية رسالة الكبُّوشيين إنطلاقًا من صيدا وصولاً إلى بيروت وعبيه وباقي المناطق.
أسس الكبُّوشيُّون دير عبيه سنة 1645 تحت إسم "دير السيّدة" والذي كان بداية مركزًا طُبيًّا وبالتالي رسوليًّا. توسَّع هذا المركز سنة 1822 بشراء قصر الأمراء الشهابيِّين الذي تحوَّل إلى مدرسة لغات يتخرّج منها الطالب ترجماناً للقنصليّات الأجنبيّة.
بعد الحرب العالميّة الأولى، أي سنة 1920، تحوَّل المكان إلى ميتم ومؤسَّسة إجتماعيّة ومدرسة مهنيَّة ضمَّت العديد من التلاميذ الأيتام وذات الحالات الإجتماعيَّة. أقام الكبُّوشيُّون مع مسيحيّي ودروز البلدة روابط حسن جوار وتعاون وصداقة هي أكبر برهان على أنّ الأحداث السّابقة عبر الأجيال كانت مفتعلة حتى في الحرب اللبنانيّة الأخيرة.
بعد المصالحة والعودة الأخيرة إلى الشوف وعالية، رمَّم الكبُّوشيُّون ديرَهم في بلدة عبيه وعيَّن مَجلس الرَّهبنة 3 إخوة لإكمال رسالة الحضور والتعايش مع باقي المواطنين بجوٍّ من الصّلاة والعيش الأخويّ والانفتاح. أحبَّت الرَّهبنة أن يكون لأمّنا مريم العذراء تكريمًا خاصًّا في هذه المنطقة وحبَّذت فكرة النيابة الرَّسوليّة اللاتينيّة بأن يكرَّم تمثال عذراء فاطيما في يوبيل المئة سنة للظهورات وذلك في دير السيّدة – عبيه خلال الفترة التي ذكرها صاحب السيّادة ومع الأهداف أيضًا التي أثنى عليها سيادتُه.
يسرُّ الرَّهبنة الكبُّوشية تكريم أُمّنا مريم العذراء التي يتغنَّى بها القدّيس فرنسيس الأسيزي كما وكلّ قدّيسيّ الرَّهبنة الكبوشيّة والفرنسيسيَّة، فهي العذراء التي صارت كنيسة، هي بيتُ الله وقصر الله وأمَة الله وأمّ الله… للمناسبة تتمنِّى الرَّهبنة لجميع المؤمنين واللبنانيّين أن يتنعَّموا بحنان وحِمى أمِّنا مريم العذراء طوال هذه السنة اليوبيليّة المئويَّة."
بدوره قدم الأب اندريه رزق الله برنامج الاحتفالات وجاء فيه:
يوم الجمعة 12 أيَّار 2017:
– 6،30 مساء: مسيرة مريميَّة تقيمها العائلة الفرنسيسيَّة في لبنان من دير القدِّيس أنطونيوس البدواني – حريصا إلى مزار سيِّدة لبنان
– 7،30 مساء: الذبيحة الإلهيَّة ويحتفل بها سيادة المطران سيزار أسيَّان النائب الرَّسوليّ للاَّتين في لبنان يُسلِّم خلالها تمثال العذراء سيِّدة فاطيما لرهبان دير سيِّدة الإنتقال للآباء الكبُّوشيِّين – عبيه.
يوم السبت 13 أيَّار 2017:
– 3،00 ب. ظ.: الانطلاق بتمثال العذراء من دير القدِّيس أنطونيوس – حريصا إلى بلدة عبيه. وفي منطقة عاليه قد يتوقَّف الموكب في بعض القرى للتَّبرُّك.
– 6،00 مساء: وصول واستقبال التمثال على مدخل عبيه ومنه يصير زيَّاح حتَّى الدير.
– 6،30 مساء: قدَّاس إلهي في الدَّير على نيَّة السّلام في لبنان والعالم.
واختتمت الندوة بكلمة الأستاذ يوسف انطون غريب عن "عبيه ارض قداسة وتنوّع" وقال:
"عبيه هي قرية لبنانيّة من قضاء عاليه في محافظة جبل لبنان تبعد عن عاليه 15 كلم وعن بيروت 22 كلم وتعلو عن سطح البحر 750 متر. تقع عبيه عند سفح جبل، يعرف بالمطيّر يشرف على العاصمة بيروت وشاطئها. وتختزن هذه البلدة تاريخاً وإرثاً حضارياً وثقافياً وروحياً عريقاً.
يرتبط تاريخ الكبوشيّين في عبيه بتاريخ الامراء المعنيّين، وفي طليعتهم الأمير فخر الدّين المعني الثاني الكبير، اذ تعرَّف الأمير عليهم خلال إقامته عند دوق توسكانا في إيطاليا، حيث عقد الأمير معهم علاقات ممتازة وأوصى بهم أولاده. وعليه، قدَّم الأمير ملحم ابن الأمير علي ابن الأمير فخر الدين مبنى تنوخي في عبيه أنشأوا فيه اوّل دير كبّوشي والذي افتتح في ٢٩ أيلول من سنة ١٦٤٥، ومنه نشروا رسالتهم الرُّوحيّة.
إضافة للآباء الكبوشيِّين قَدِم الى عبيه المرسلين الانجيليّين، واقاموا فيها معهد اللاهوت الذي هدف الى تخريج المعلّمين والوعّاظ. وتأسّست فيها أوّل كنيسة انجيليّة في الشّرق الأوسط، ومنها أيضًا عُمل على تأسيس الجمعية السوريّة في بيروت سنة ١٨٤٦ التي ضمت النخبة العلميّة والثقافية والفكريّة في لينان. فكان أن انطلقت من عبيه سنة ١٨٦٦ الكلّية الإنجيليّة السوريّة التي أصبحت فيما بعد الجامعة الأمريكيّة في بيروت، وقد أقامت البلديّة الصيف الماضي احتفاليّة حضرها رئيس الجامعة د. فضلو خوري بذكرى ١٥٠ سنة على تأسيس الجامعة الأمريكيّة في لبنان.
في عبيه معالم روحيّة متعدِّدة للموحِّدين الدّروز، و سبع كنائس لمختلف الطوائف تعكس هذا الغنى الروحيّ والثقافي، وفيها صروح تربويّة عريقة، كالمدرسة الداووديّة التي تأسّست عام ١٨٦٢ على اسم داوود باشا اول المتصرفين والتي أضحت حالياً مقرًّا للمعهد الجامعيّ للتكنلوجيا التابع للجامعة اللبنانيّة. ولا بدّ من ذكر مؤسّسة بيت اليتيم الدّرزي العريقة، التي تؤمّن الخدمة الاجتماعيّة لمئات الأطفال من يتيم ومحتاج.
إنّ أهمّ ما تتميّز به عبيه هو تاريخها الاجتماعيّ والحضاريّ والتضامن بين أهلها.
لذلك يأتي إعلان سيادة المطران سيزار اسايان اختيار الدّير كمركز حجّ رسميّ لأمّنا العذراء سيّدة فاطيما، ليثبّت الرَّجاء والأمل لمزيد من التعاون والوحدة والتآخي، وليضيف إلى عبيه، أرض الثقافة والعلم، أرضَ قداسةٍ بوجود تمثال اليوبيل لأمّنا العذراء على ارضها".
المركز الكاثوليكي للإعلام