إطلاق التّرجمة العربيّة لكتاب كومبنديوم عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة

متفرقات

إطلاق التّرجمة العربيّة لكتاب كومبنديوم عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة

 

 

 

1. يُسعدني أن ألقي هذه الكلمة بإسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، في هذا الاحتفال لإطلاق التّرجمة العربيّة لكتاب "كومبنديوم عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة"، الذي تدعو إليه مشكورةً الهيئةُ التّنفيذيّة لمجلس البطاركة والأساقفة. ويَطيب لي أن أُعرب بإسمكم جميعًا وبإسمي عن التّقدير الكبير والشّكر للمجلس الحبريّ "عدالة وسلام" لإصداره هذا الكومبنديوم بحسب رغبة القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني، و"لحركة عدالة ومحبّة" بشخص رئيسها، سيادة أخينا المطران سمير مظلوم، التي حقّقتْ بإشرافه مشكورةً التّرجمةَ العربيّة.

 

 

 

 

 

      2. إنّ هذا الكتاب بحدّ ذاته قيمةٌ ثمينةٌ وكنزٌ نفيس، لكونه يجمع بمثابة خلاصةٍ تعليمَ الكنيسة الاجتماعيّ، بطريقةٍ جامعةٍ ومنهجيّة. مضمونه مستمَدٌّ من الكتاب المقدّس، ووثائقِ المجامع المسكونيّة وبخاصّةٍ المجمع الفاتيكاني الثّاني، والرّسائل العامّة الاجتماعيّة للبابوات: من البابا لاوون الثّالث عشر مع رسالته الشّهيرة "الشّؤون الجديدة" سنة 1891 إلى آخر رسالةٍ عامّةٍ إجتماعيّةٍ للقدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني "السّنة المئة" سنة 1991، فضلاً عن نداءاته ورسائله بمناسبة الأيّام العالميّة المتنوّعة، وأخيرًا "كتاب التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة". وإنّا نستطيع تسميته "كومبنديوم المحبّة الإجتماعيّة".

 

 

 

 

 

      أمّا إصداره باللّغة العربيّة فيفسح في المجال لأكبر عددٍ ممكنٍ من الأساقفة والكهنة والرّهبان والرّاهبات والعلمانيّين، للحصول عليه وتطبيقه في حياتهم، ولجعله برنامجًا تربويًّا وراعويًّا في الأبرشيّات والرّعايا والمؤسّسات الكنسيّة والرّهبانيّة.

 

 

 

 

      3. الجميع معنيّون به: رعاة الكنيسة، من أجل القيام برسالتهم في خدمة المحبّة الإجتماعيّة وخدمة الإنسان وحقوقه، والشّؤون الاجتماعيّة ومبادئها؛ العائلة، لتحقيق ذاتها كخليّةٍ حيّةٍ للمجتمع؛ العمّال، ليدركوا حقوقهم وواجباتهم؛ الإقتصاديّون والمعنيّون بالقضايا الاجتماعيّة والبيئيّة؛ الجماعة السّياسيّة والأسرة الدّوليّة؛ حكّام الدّول والمؤسّسات الأُمميّة المسؤولة عن تعزيز العدالة والسّلام وحمايتهما بين الدّول وتجنّب الحروب (كومبنديوم، 11 و 12). هذه كلّها المذكورة بالعناوين تشكّل مضمون الكومبنديوم الذي هو أداة لا غنى عنها في يد الأفراد والجماعات.

 

 

 

 

 

      4. هذا الكومبنديوم، الذي يَنقل إلينا عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة، إنّما يضعنا في صميم السّرّ المسيحيّ القائم على أربعة عناصر مترابطةٍ ومتكاملة، وكأنّها الزّوايا الأربع لكلّ بيتٍ وصرح، بحسب ترتيب كتاب التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة:

 

 

 

 

      العنصر الأوّل هو الإيمان المعلَن في النّؤمن، والمتضمِّن كلّ الحقائق الإيمانيّة التي تُنير العقول والإرادات والقلوب. الثّاني هو الاحتفال به ونقله بواسطة اللّيتورجيّا والأسرار. الثّالث هو المسلك والنّشاط الاجتماعيّ والاقتصاديّ والسّياسيّ المستنير بحقائق الإيمان. والرّابع هو الصّلاة بنتيجة العناصر الثّلاثة السّابقة كإستلهامٍ وتسبيحٍ وشكرٍ واستغفار.

 

 

 

 

 

      5. إنّ "عقيدة الكنيسة الإجتماعيّة" التي تشكّل العنصر الثّالث في تكوين السّرّ المسيحيّ، شأنٌ أساسيٌّ في حياة كلّ مؤمنٍ ومؤمنة، لأنّ الإيمان المحتفَل به، إذا لم يتجسّد في الأعمال، وفي المحبّة الإجتماعيّة كان ميتًا، على ما كتب القدّيس يعقوب الرّسول: "كما أنّ الجسد بدون روحٍ ميتٌ، كذلك الإيمان بدون الأعمال ميتٌ" (يعقوب 26:2). ولكنّ أعمالنا تحتاج إلى مبادئ وقواعد أخلاقيّةٍ تُميّز الخير من الشّرّ، والعدالة من الظّلم، والحقّ من الباطل. وهذا ما تفعله "عقيدة الكنيسة الإجتماعيّة". ولذلك هي جزءٌ لا يتجزّأ من رسالة الكنيسة الملتزمة بإعلان بشارة الإنجيل لجميع الشّعوب والأمم (متى 19:28؛ مر 15:16)، وبإظهار النّواحي اللّاهوتيّة والفلسفيّة والأخلاقيّة والثّقافيّة والرّاعويّة المرتبطة بتعليمها الاجتماعيّ، ولكن في وحدةٍ عضويّة (كومبنديوم، 8 و 66).

 

 

 

 

      6. الكنيسة في كلّ ذلك تؤدّي واجبها الرّاعويّ المزدوج أي: مساعدة جميع النّاس على اكتشاف الحقيقة مع اختيار الطّريق الذي ينبغي اتّباعه؛ وتشجيع المسيحيّين على الالتزام بالشّهادة للإنجيل في المجال الاجتماعيّ، مع الحرص على الخدمة (كومبنديوم، 525).

 

 

 

 

       ولئن كانت رسالة الكنيسة الموكولة إليها من المسيح هي دينيّة، فمنها بالذّات تنبثق مهمّتها في بناء جماعة البشر وتوطيدها وفقًا للشّريعة الإلهيّة. ولذا، لا تتعاطى الكنيسة التّقنيّات السّياسيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة، ولا تُقدِّم أنظمةً أو تقترح نماذج لها، بل تتوخّى مرافقة الإنسان على طريق الخلاص بكلّ أبعاده الرّوحيّة والإقتصاديّة والحسّيّة والسّياسيّة (كومبنديوم، 68 و 69).

 

 

 

 

      7. أيستطيع أحدٌ، بعد هذا المفهوم "لعقيدة الكنيسة الاجتماعيّة"، أن يعيش وهو يجهلها؟ إنّ الكومبنديوم دليلٌ أساسيٌّ لمعرفتها والعيش بموجب مبادئها وتطبيقها. فالشّكر أيضًا وأيضًا للذين أعدّوه.

 

 

 

 

      نرجو له الانتشار الواسع، والثّمار اليانعة.

 

 

                                 مع الشّكر لإصغائكم!

 

 

موقع بكركي