"كيف هي بحسب الإنجيل صلاة الذين ينجحون بالحصول على ما يطلبونه من الرَّبّ؟" هذا هو السُّؤال الذي تمحورت حوله عظة البابا فرنسيس في القدّاس الإلهيّ الذي ترأسّه صباح يوم الجمعة في كابلة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان.
قال الأب الأقدس يخبرنا إنجيل القدِّيس مرقس (2/ 1 -12) أيضًا عن شفاء، لقد أخبرنا أمس عن شفاء الأبرص ويخبرنا اليوم عن شفاء المُقعد؛ كلاهما صلَّيا لينالا الشِّفاء وكلاهما طلبا بإيمان: لا بل تحدى الأبرص يسوع بشجاعة قائلاً: "إِن شِئتَ، فَأَنتَ قادِرٌ عَلى أَن تُبرِئَني"، وكان جواب الرَّبِّ له: "قَد شِئتُ، فَابرَأ"، وبالتالي وكما يخبرنا الإنجيل "كُلُّ شَيءٍ مُمكِنٌ لِلَّذي يُؤمِن".
عندما نقترب من الرَّبِّ لنطلب منه شيئًا علينا أن ننطلق من الإيمان دائمًا ونطلبه بإيمان، وبالتالي علينا أن نتوجّه إليه قائلين "أنا أؤمن أنّك قادر أن تشفيني" ونتحلّى بالشجاعة لنتحدّاه على مثال الأبرص أمس، والمقعد اليوم. وبالتالي علينا أن نصلّي بإيمان.
يحملنا الإنجيل بالتالي لنسأل أنفسنا حول أسلوبنا في الصَّلاة. لا ينبغي أن نصلّي كالببغاء وبدون اهتمام بما نطلبه وإنّما، علينا أن نتوسّل إلى الله لكي يساعد قلّة إيماننا ولاسيّما إزاء الصّعوبات. كثيرة هي الأحداث في الإنجيل التي يصعب فيها على من هو بحاجة أن يقترب من الرَّبِّ وهذا الأمر يمكنه أن يشكِّل مثالاً بالنسبة لكلِّ فرد منّا. في إنجيل اليوم على سبيل المثال أُنزل المُقعد من السّقف لكي يصل سريره إلى الموضِع الذي كان الربّ يعظ فيه بين الجمع الكبير. إنَّ الرَّغبة بإيجاد حلّ تجعلنا نذهب أبعد من الصعوبات.
نحن بحاجة للشجاعة كي نكافح في سبيل الوصول إلى الرَّب، وللشجاعة للتحلّي بالإيمان، نبدأ أوّلاً بـ"إِن شِئتَ، فَأَنتَ قادِرٌ عَلى أَن تُبرِئَني"، ومن ثمَّ الشجاعة للاقتراب من الرَّبّ عند الصعوبات. غالبًا ما ينبغي علينا أن نصبر ونعرف كيف ننتظر الوقت الملائم ولكن لا يجب أن نستسلم بل أن نسير قدمًا على الدوام، أمّا إن اقتربتُ من الربّ بإيمان وقلت له: "إِن شِئتَ، فَأَنتَ قادِرٌ عَلى أَن تمنحني هذه النعمة"، ولكن بعد ثلاثة أيّام لم أنل هذه النعمة، لا يجب أن أستسلم وأنسى.
لقد صلّت القدِّيسة مونيكا، أمّ القدّيس أغوسطينوس، وبكت كثيرًا من أجل ارتداد ابنها وقد تمكّنت من الحصول على ما طلبته، إنّها من بين العديد من القدّيسين الذين تحلّوا بالشجاعة في إيمانهم؛ شجاعة ليتحدُّوا الله وشجاعة للإلتزام حتى وإن لم ينالوا فورًا ما طلبوه، لأنَّ الصلاة تتطلَّب التزامًا قويًّا وإن لم تكن الصلاة شُجاعة فهي ليست مسيحيّة، لأنَّ الصلاة المسيحية تولد من الإيمان بيسوع وتذهب مع الإيمان أبعد من الصعوبات.
هناك جملة يمكننا أن نحملها معنا اليوم في قلوبنا وستساعدنا وهي جملة من أبينا إبراهيم الذي نال وعدًا بالميراث أي بأن يرزق بابنٍ وهو ابن مائة سنة ويقول القدّيس بولس الرَّسول: "إنّ إبراهيم آمن بالله فحُسب له ذلك برًا"، لقد آمن وانطلق في المسيرة وبالتالي علي أن أؤمن وأقوم بكلِّ ما بوسعي لكي أحصل على النعمة التي أطلبها، فالرَّبُّ قد قال لنا: "اِسأَلُوا تُعطَوا. اُطلُبُوا تَجِدُوا"، لنأخذ أيضًا هذه الكلمات ولنثق ونؤمِن ونلتزم. هذه هي شجاعة الصّلاة المسيحيّة، وإن لم تكن الصّلاة شُجاعة فهي ليست مسيحيّة.
إذاعة الفاتيكان.