أطلب منكم المغفرة

متفرقات

أطلب منكم المغفرة

أطلب منكم المغفرة


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامّة مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس واستهلّ تعليمه الأسبوعيّ بالقول: أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير! اليوم وبسبب حالة الطقس غير المُستقرّة ستتمّ هذه المقابلة العامّة في مكانين: نحن هنا في السّاحة وسبعمائة مريض في قاعة بولس السّادس يتابعون المُقابلة عبر الشّاشة العملاقة. نتّحد معًا ونحييّهم بالتّصفيق.


 إنّ كلمة يسوع قويّة اليوم "الوَيلُ لِلعالَمِ مِن أَسبابِ العَثَرات". ويسوع واقعيّ ويقول "لا بُدَّ مِن وجُودِها ولكِنِ الوَيلُ لِلَّذي يكونُ حَجَرَ عَثرَة". أريد، قبل أن أبدأ بالتّعليم، وباسم الكنيسة أن أطلب منكم المغفرة على الفضائح التي حصلت في هذه الآونة الأخيرة في روما والفاتيكان، أطلب منكم المغفرة.


سوف نتأمّل اليوم حول موضوع مهمّ جدًّا: الوعود التي نقطعها للأطفال. لا أتحدّث عن الوعود التي نقطعها هنا وهناك، خلال النّهار لنُسعدهم، أو لنجعلهم يهدؤون (ربّما من خلال بعض الخِدع البريئة: سأعطيك الحلويات على سبيل المثال، أعني هذا النوع من الوعود...) لكي نحثّهم على الإلتزام في المدرسة أو لكي نردعهم عن بعض النزوات. أتحدّث عن وعود أخرى،  الوعود المهمّة والمقرّرة لتطلُّعاتهم تُجاه الحياة ولثقتهم تُجاه الكائنات البشريّة وقدرتهم على فهم اسم الله كونه بَرَكة. إنّها وعود نقطعها لهم.


 نحن الكبار مستعدّون للتحدّث عن الأطفال أنّهم وعد للحياة. جميعنا نقول إنّ الأطفال هم وعد حياة. ونتأثّر بسرعة عندما نقول للشباب أنّهم مستقبلنا، وهذا الأمر صحيح. لكنّني أتساءل إن كنّا أحيانًا جديّين في ما يختصّ بمستقبلهم، أي بمستقبل الأطفال والشّباب! سؤال ينبغي علينا أن نطرحه غالبًا على أنفسنا وهو التّالي: كم نحن صادقون في الوعود التي نقطعها للأطفال عندما نجعلهم يأتون إلى عالمنا؟ نحن نجعلهم يأتون إلى العالم وهذا وعد لهم فبماذا نعدهم؟


 إستقبال وعناية، قرب وتنبّه، ثقة ورجاء، إنّها وعود أساسيّة، ويمكن تلخيصها في وعد واحد: حبّ. نحن نعدهم بالحبّ، حبّ يظهر من خلال الاستقبال والعناية والقرب والتنبّه والثقة والرّجاء، لكنّ الوعد الأكبر هو الحبّ. إنّها الطريقة الأصحّ لقبول كائن بشريّ يأتي إلى العالم، وجميعنا نتعلّمها، حتى قبل أن ندركها. أحبّ عندما أمرّ فيما بينكم وعندما أرى الآباء والأمّهات يحملون إليّ طفلاً أو طفلة ً وأسأل: "كم عمره أو كم عمرها؟" ويأتي الجواب: "ثلاثة أسابيع أو أربعة أسابيع... لكنّني أريد أن يباركه أو يباركها الربّ!" وهذا الأمر يدعى أيضًا حبّ! الحبّ هو الوعد الذي يقطعه الرّجل والمرأة لكلّ ابن: منذ الحبل به في الفكر.


فالأطفال يأتون إلى العالم ويتوقّعون الحصول على التأكيد على هذا الوعد: ينتظرونه بشكلٍ كاملٍ وواثقٍ وهشّ. يكفي أن ننظر إليهم: في جميع الإثنيّات، في جميع الثقافات وفي جميع ظروف الحياة. وعندما يحصل العكس ينجرح الأطفال، بدافع "فضيحة" لا تُطاق، وتزداد خطورة لأنّهم لا يملكون الوسائل لفهمها. ليس بإمكانهم أن يفهموا ماذا يحصل. الله يسهر على هذا الوعد منذ اللّحظة الأولى. هل تذكرون ماذا يقول يسوع؟ إنّ ملائكة الأطفال يعكسون نظرة الله، والله لا يحيد نظره أبدًا عن الأطفال (راجع متى ١٨، ١٠). الويل للذين يخونون ثقتهم، الويل! إنّ تسليمهم الواثق لوعدنا، والذي يلزمنا منذ اللّحظة الأولى، يديننا.


 أريد أن أضيف شيئًا آخر، مع احترامٍ كبير للجميع، وإنّما بصراحة كبيرة أيضًا. إنّ ثقتهم العفوية بالله لا يجب أن تُجرح أبدًا، لاسيّما عندما يتمّ ذلك من خلال غرور أن نحلّ محلّ الله (ولو بدون إدراك). إنّ علاقة الله الحنونة والسرّية مع نفس الأطفال لا يجب أن تُنتهك أبدًا. إنّها علاقة حقيقيّة يريدها الله ويحرسها. إنّ الطفل هو جاهز منذ ولادته لكي يشعر بأنّه محبوب من الله، إنّه جاهز لهذا الأمر. وما إن يصبح قادرًا على الشّعور بأنّه محبوب لذاته، يشعر الابن أيضًا بوجود إله يحبّ الأطفال. إنّ الأطفال، المولودين حديثًا، ينالون عطيّة ً، مع التغذية والعناية، التأكيد على ميزات الحبّ الروحيّة.


إنّ أعمال الحبّ تمرّ الآن عبر عطيّة الإسم الشخصيّ، مقاسمة اللغة، نوايا النظرات، ونور الابتسامات. فيتعلّمون هكذا أنّ جمال الرابط بين الكائنات البشريّة يهدف إلى نفسنا ويبحث عن حريّتنا ويقبل اختلافنا عن الآخر ويعترف به ويحترمه كونه محاورًا. عجيبة ثانية ووعد ثانٍ: نحن – الآباء والأمّهات – نُعطي أنفسنا لك، لنعطيك لنفسك! وهذا هو الحبّ الذي يحمل شرارة من حبّ الله. وأنتم أيضًا أيّها الآباء والأمّهات تحملون شرارة حبّ الله هذه التي تمنحونها لأبنائكم، أنتم أدوات محبّة الله وهذا أمر جميل جدًّا!


 إن نظرنا إلى الأطفال بعينيّ يسوع، يمكننا أن نفهم حقـًا بأي معنى نحمي البشريّة من خلال دفاعنا عن العائلة! إنّ وجهة نظر الأطفال هي وجهة نظر ابن الله. إنّ الكنيسة نفسها، وفي العماد، تقطع للأطفال وعودًا كبيرة تلزم بها الوالدين والجماعة المسيحيّة. لتجعل أمّ يسوع القدّيسة – التي من خلالها وصل ابن الله إلينا، محبوب ومولود طفلًا – الكنيسة قادرة على اتّباع درب أمومتها وإيمانها. وليجعلنا القدّيس يوسف – الرّجل البارّ الذي قبله وحماه مُشَرِّفًا بشجاعة بركة الله ووعده – جميعًا أهلاً لاستقبال يسوع في كلّ طفل يرسله الله على الأرض. شكرًا.


في ختام مقابلته العامّة مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس، وجّه قداسة البابا فرنسيس نداء قال فيه: يُحتفل السبت القادم الموافق تاريخ السابع عشر من تشرين الأول أكتوبر باليوم العالمي للقضاء على الفقر. ويهدف هذا اليوم إلى زيادة الجهود من أجل القضاء على الفقر المدقع والتمييز، ولضمان أن يتمكّن كلّ واحد من ممارسة حقوقه الأساسيّة بالكامل. نحن مدعوّون جميعًا لأن تكون هذه نيّتنا كي تصل محبّة المسيح إلى الإخوة والأخوات الفقراء والمتروكين وتعزّيهم.

إذاعة الفاتيكان.