حنان الله كميزة خاصّة به هو محور العظة التي ألقاها قداسة البابا فرنسيس صباح يوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلّها انطلاقـًا من سفر النبيّ أشعيا (41/ 13 -20) ومن المزمور145 الذي نقرأ فيه: "… مَراحِمُهُ تَشمَلُ كُلَّ خلائِقِهِ".
إنَّ الصورة التي يقدّمها أشعيا هي صورة إله يكلِّمنا كما يكلِّم الأب ابنه، وحنانه هو حنان أب وأمّ، كما يذكّرنا أيضًا: "هَل تَنسَى المَرأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرحَمَ ابنَ بَطنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنسَينَ، وَأَنَا لاَ أَنسَاك"؛ هو يحملنا في أحشائه، إنّه الإله الذي يُصبح صغيرًا ليُفهِمنا وليجعلنا نثق به فنتمكَّن من أن نقول له بشجاعة مع بولس: "أبّا، أيّها الآب!". هذا هو حنان الله.
صحيح أنّ الله يؤدِّبنا أحيانًا ولكنّه بحنانه يقترب منّا ويخلِّصنا، وهذا هو سرّ وأحد الأمور الجميلة. إنّه الإله الذي يصبح صغيرًا ولكنّه يبقى عظيمًا في صغره. وفي هذه الجدليّة بين العظيم والصّغير نجد حنان الله العظيم الذي يصبح صغيرًا، والصغير الذي هو عظيم، وعيد الميلاد يساعدنا في فهم هذا الأمر: الإله الصّغير في مذود.
الله لا يساعدنا وحسب ولكنّه يقطع لنا وعودًا بالفرح وبغلّة كبيرة ليساعدنا على المضي قدمًا، الله هو أب وبالتالي ليسأل كلّ منّا نفسه "هل أنا قادر على التكلّم مع الرَّبّ كأب أم أنّني أخاف؟" قد يسألني أحدكم: "ولكن أين هو المكان اللاهوتيّ لحنان الله؟ أين يمكننا أن نجد جيّدًا حنان الله؟" في الجراح! عندما تلتقي جراحي بجراحه، لأنّنا بجراحه شُفينا.
هناك انحنى السّامري على الرّجل الذي عَرَّاه اللّصوص وانهالوا علَيهِ بِالضَّرب، فخلَّصه وضمَّد جراحه ودفع ما توجّب عليه لشفائه. هذا هو المكان اللاهوتيّ لحنان الله: جراحنا. وختم الأب الأقدس عظته حاثًا الجميع على التأمّل خلال النهار بدعوة الرَّبِّ لكلِّ فردٍ منّا: "أرني جراحك، أريد أن أشفيها!"
إذاعة الفاتيكان.