lما هي التعزية الحقيقيّة؟

متفرقات

lما هي التعزية الحقيقيّة؟

 

 

 

 

 

lما هي التعزية الحقيقيّة؟

 

 

 

تضرُّع إلى الرّب لكي يعلّمنا أن نتوق نحو الفداء رفعه البابا فرنسيس صباح يوم الإثنين في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان والتي تمحورت حول القراءة من سفر عزرا (1/ 1-6) والتي تخبرنا عن اللّحظة التي حَرِّرَ بها شعب إسرائيل من المنفى؛ وسلّط الأب الأقدس في هذا السياق الضوء على واقع أن الرّبّ قد افتقد شعبه وأعاده إلى أورشليم، مؤكِّدًا أنّ كلمة "الافتقاد" هي كلمة مهمّة جدًّا في تاريخ الخلاص لأنّ كلَّ تحرير وكلَّ عمل فداء يقوم به الله هو افتقاد.

 

 عندما يفتقدنا الرَّبّ يمنحنا الفرح أي يحملنا إلى حالة تعزية وهذا ما نسمّيه بحسب المزمور "أن نحصد بالفرح..." نعم لقد زرعوا وهم يبكون لكنَّ الربّ يعزّينا الآن ويمنحنا تلك التعزية الروحيّة. والتعزية لم تتمَّ في ذلك الوقت وحسب لأنّها حالة في الحياة الروحيّة لكلِّ مسيحي والكتاب المقدّس يحدِّثنا عن هذا الأمر. وبالتالي حثَّ الحبر الأعظم المؤمنين على انتظار افتقاد الله هذا لكلِّ فردٍ منّا، وقال هناك أوقات ضعيفة وأخرى قويّة ولكنَّ الربّ يجعلنا نشعر بحضوره على الدوام وبالتعزية الروحيّة يملؤنا بالفرح.

 

لذلك علينا أن ننتظر هذا الحدث متحلّين بأكثر الفضائل تواضعًا: الرّجاء، فهي تكون صغيرة على الدوام ولكنّها غالبًا ما تكون قويّة لأنّها تختبئ مثل الجمر تحت الرماد. وهكذا يعيش المسيحيّ في توق مستمرٍّ نحو اللقاء مع الله والتعزية التي يعطيها هذا اللقاء.

 

وبالتالي إن لم يعِش المسيحيّ في هذا التوق فهو شخص مُنغلق، "أغلق على نفسه في مستودع الحياة" ولا يعرف ماذا يفعل. وفي هذا السياق وجّه البابا فرنسيس دعوة للمؤمنين ليكتشفوا التعزية لأنَّ هناك العديد من الأنبياء المزيّفين الذين يبدون وكأنّهم يعزوننا ولكنّهم في الحقيقة يخدعوننا.

 

التعزية ليست سعادة يمكننا شراؤها. إن تعزية الرّبّ تلمسك من الداخل وتحرِّكك وتزيدك محبّة وإيمانًا ورجاء وتحملك على البكاء بسبب خطاياك. التعزية ترفعك إلى أمور السّماء وأمور الله وتريح النفس في سلام الله. هذه هي التعزية الحقيقيّة، وبالتالي فهي ليست نوعًا من التسلية – لا لأنّ التسلية هي أمر سيّئ، نحن بشر ونحتاج للتسلية من وقت لآخر – ولكنَّ التعزية تأخذ بمجامح قلبك وتجعلك تشعر بحضور الله وتعترف به.

 

أضاف الأب الأقدس مذكّرًا بضرورة رفع الشكر بواسطة الصّلاة إلى الرّبّ الذي يأتي ليفتقدنا ويساعدنا لنسير قدمًا ونرجو ونحمل الصليب، وحثّ المؤمنين على الحفاظ على هذه التعزية وقال صحيح أن التعزية قويّة جدًّا ولكنّها لا تحافظ على قوّتها – إذ أنّنا نشعر بها لمرحلة فقط – ولكنّها تترك أثرها؛ لذلك علينا أن نحافظ على هذا الأثر ونحفظه في ذاكرتنا تمامًا كما حفظ الشّعب ذكرى التحرير: لقد عدنا إلى أورشليم لأنّه حرّرنا. لننتظر إذًا تعزية الله ولنعترف بها ونحافظ عليها، وعندما تمرّ تلك المرحلة القويّة ماذا يبقى لنا؟ يبقى لنا السّلام، لأنّ السّلام هو المرحلة الأخيرة من التعزية.   

     

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.