إنّ هذين الشّهيدين كانا من أشراف المملكة الرّومانيّة وأخلص الجنود لها. انتصرا في الحرب التي شنَّها الرّومان على الفرس سنة 297 فجعلهما الملك مكسيميانوس من أعضاء ديوانه.
يوم عيد الأصنام في مدينة افغوسطيا ببلاد سوريا الشّماليّة، دعاهما الملك للإشتراك في هذا الإحتفال فرفضا مُعلنَين أنّهما مسيحيّان وديانتهما تحظِّر عليهما تقديم الذبائح لأصنامٍ ليست سوى حجارة صَمَّاء لا يُرجى منها خير.
فغضب الملك وأمر بنزع شارات الشّرف عنهما وإلباسهما ثياباً نسائيّة للهزء والسّخرية. فصبرا على هذه الإهانة بإيمان راسخ، وصرَّحا بقولهما: "إنّ لنا ملكاً أزليًّا، هو المسيح ابن الله، إيَّاه نعبد وله وحده نقرِّب كلّ يوم ذبيحة مقدّسة حيَّة".
عندئذ أمر الملك بأن يُساقا إلى أنطوخيوس القائد الذي كان، من عهد قريب، يأتمر بأمرهما. وكان سرجيوس قد أحسن الصّنيع إليه. شرع يتهدّدهما تارةً ويتملّقهما أخرى، لكن على غير طائل، فاستشاط غيظاً وبدأ بباخوس، فأمر به فجُلد جلداً وحشيّاً حتى أسلم الرّوح، غافراً لمن أساء إليه.
أمَّا سرجيوس فأعاده إلى السّجن ريثما يُنظر بأمره. فظهر له في تلك الليلة رفيقه الشّهيد باخوس، يعزيِّه ويشجّعه. ثمّ أخرجه أنطيوخوس من السّجن وأمر بأن يُساق أمام مركبته، ماشياً، بعد أن توضع مسامير مسنّنة في حذائه. فسار الشّهيد عشرين ميلاً والدّماء تسيل من رجليه وهو صابر يقول: "ما أطيب العذاب في سبيل مَن قاسى لأجلنا أمرَّ الآلام والموت صلباً". فاندهش أنطوخيوس وأمر بضرب عنقه فحنى سرجيوس البطل رأسه للسيف متهللاً فائزاً بإكليل الشّهادة، سنة 307. صلاتهما معنا. آمين.