كان اسبيريدون من جزيرة قبرص، راعي غنم، يخلو بالله والتأمل في المخلوقات بما فيها من نظام وعظمة وجمال. امتاز بفضيلتَي التواضع والإيمان الرّاسخ. اقترن بامرأة فاضلة رُزق منها ابنة أسماها إيريني.
ولمّا توفي أسقف مدينة تريمثوس، أجمع الأساقفة في قبرص على انتخاب اسبيريدون خلفاً له. فترَّقى الدرجات المقدّسة حتّى الاسقفيّة، وقام يُرشد النفوس في طريق الخلاص ويردُّ الضّالين إلى الحظيرة.
وجاء الملك مكسيميانوس يضطّهد المسيحيّين فقلع عين الأسقف وأرسله إلى المنفى مع غيره من المسيحيّين، فارضًا عليهم الأشغال الشّاقة في مقالع الحجارة، سنين عديدة.
ولمّا انتصر قسطنطين الكبير سنة 312، عاد اسبيريدون إلى كرسيه يواصل جهاده بغيرة لا تعرف الملل. ومنحه الله صنع العجائب فاشتهرت قداسته في كلّ مكان.
ودُعي إلى المجمع النيقاويّ الأوّل سنة 325 الذي ترأّسه قسطنطين الكبير، فابتدره الملك بالإكرام وقبَّل عينه المقلوعة.
وكان مولعاً بقراءة الكتب المقدّسة حريصاً على قراءتها بنصّها الحرفيّ.
ومرض قسطنس بن قسطنطين الكبير مرضًا عجز الأطباء عن شفائه. ورأى في الحلم أسقفـًا يشفع لدى الله فشفي وقد ارتسمت صورته في مخيَّلته، فلمَّا جاء الأسقف اسبيريدون ليهنّئه، عرفه بهيئته كما تمثـَّل له بالحلم، فاعتبره جدّاً ووهبه مالاً فوزَّعه القدّيس على المحتاجين دون أن يُبقي لهُ شيئاً.
وحضر أيضاً المجمع الذي انعقد سنة 347 في سرديكا للدّفاع عن القدّيس أثناسيوس ضدّ خصومه الذين ألصقوا به تُهماً كاذبة، فكان الأسقف اسبيريدون من أشدّ أنصاره وتجنَّد لإظهار صحيفته ناصعة كالثلج.
ولكثرة عجائبه لُقـِّـب بالعجائبيّ. ورقد بالرّبّ نحو سنة 348. صلاته معنا. آمين.