يَحْمِلُ يَسوع على ذِراعَيه

القوت اليومي

يَحْمِلُ يَسوع على ذِراعَيه

 

 

 

 

 

سِمْعانُ رَجُلٌ صِدِّيقٌ يَتّقي الله، على حَدِّ قولِ الإنجيل. كان يَنْتَظِرُ تَعْزِيَة إسرائيل، وكان قدْ أ ُوحِيَ إليه بِالرُّوحِ القُدُسِ أنّهُ لا يَرى المَوْتَ حَتّى يُعايِن مَسيحَ الرَّبِّ. يَنْتَصِبُ السُّؤال: ماذا استفادَ سِمْعانُ مِنْ رُؤيَةِ المَسيح؟ أوُعِدَ فقط بِرُؤيَتِه، بِغيْرِ أنْ تُوليهِ هذِهِ الرُّؤيا أمراً خَلاصيّاً؟ أمْ أنَّ هذا الوَعْدُ يُخْفي حاضِراً يَليقُ بِالله، استَحَقَّ سِمْعانُ أنْ يَقتَبِلهُ؟

 

 لقدْ شُفيَتْ امْرَأةٌ مِنْ لمْسِ طَرَفِ ثَوْبِ يَسوع. فإذا تَمَتّعَتْ هذِهِ المَرأةُ بِمَوهِبَةٍ كهذِهِ، ما عَسانا نُفكّرُ بِسِمْعان الذي حَمَلَ الطِفلَ على ذِراعَيْهِ؟  وَبَينما كان سَعيداً جِدّاً بِحَمْلِهِ، كان قلبُهُ يَبْتَهِجُ لأنّهُ يَحْمِلُ الصَّغيرَ الآتي لِيُخَلّصَ الأسير، لِيَحِلّهُ مِنْ قيودِ جَسَدِهِ. وكان يَعْلمُ أنَّ لا أحَدَ يُمْكِنُهُ أنْ يُخْرِجَ أحَداً مِنْ سِجْنِ الجَسَدِ على رَجاءِ الحَياةِ الآتيَة، إلّا ذاك الذي كان يَحْمِلهُ هُوَ على ذِراعَيْه.

 

لذلك قالَ لهُ: "الآن يا رَبِّ أطلِقْ عَبْدَكَ بِسَلام، لأنّي قبلَ أنْ أحْمِلَ المَسيحَ وأضُمَّهُ بَين ذِراعَيَّ كُنتُ سَجيناً لا أسْتَطيعُ التّخَلّصَ مِنْ قيودي!" لِنُلاحِظ ْ  أنَّ هذا الأمرَ لا يَنْطبِقُ على سِمْعان وَحْدَهُ بَلْ على الجِنْسِ البَشَرِيِّ بِأسْرِهِ. إنْ أرادَ أحَدٌ أنْ يُغادِرَ العالمَ وَيَرْبَحَ المَلكوت، فليأخُذ يَسوع بين يَدَيْهِ وَيَغْمُرْهُ بِذراعَيهِ وَيَضُمَّهُ إلى صَدْرِهِ، وحينئذٍ يُمْكِنُهُ أنْ يَقفِزَ إلى حَيث يَشاءْ. 

 

 

أوريجانُوس (+ 253)