إذنْ إنْ سَمِعتَ الإنجيلَ يَقول: "كتابُ ميلادِ يَسوع المَسيحِ بنِ داودَ بنِ إبراهيم"، فافهَمْهُ عَنْ ميلادِهِ
حَسَبَ الجَسَد، لأنَّهُ ابنُ داودَ في مِلءِ الأزمِنَة، ولكِنَّهُ ابنُ اللهِ قبْلَ كُلِّ الدُّهور، بِلا بِدايَة.
تَقبَّلَ بُنُوَّتَهُ الجَسَديَّة التي لمْ تَكُنْ لهُ، أمَّا بُنُوَّتَهُ للآبِ فهيَ لهُ منذ الأزل. إنَّ لهُ أبَوَين: داوُدَ بِحَسَبِ
الجَسَد، والله بِحَسَبِ الألوهِيَّة.
فما هُوَ بِحَسَبِ داوُدَ يَخضَعُ لِلزَّمَنِ وَيُلمَسُ ولهُ نَسَب ؛ ولكِنْ ما هُوَ بِحَسَبِ الألوهِيَّةِ فلا يَخضَعُ لِزمانٍ
أو مَكان، ولا نَسَبَ لَهُ، لأنَّ "مولِدَهُ مَنْ يَصِفُهُ"؟ "أللهُ روح": فَوُلِدَ روحِيّاً ــ بِصِفتِهِ لا جَسَدَ لهُ ــ ولِذا
لا يُمْكِنُ الكَشْفُ عنهُ ولا إدراكُهُ.
الابِنُ ذاتُهُ يَقولُ على لِسانِ الآب: "ألرَّبُّ قالَ لي: أنتَ ابني وأنا اليَومَ وَلدتُك". هذا "اليَوم" ليسَ حَديثاً
بلْ أزلِيَّا ؛ هو يَومٌ لا يَحُدُّهُ زَمَن، قبلَ كُلِّ الدُّهور "مِنَ الرَّحِمِ قبلَ الفَجرِ ولَدتُكَ".
(العِظة 11،5)
القِدِّيسِ كيرِلُّسَ الأورَشَليميّ (+387)