لِنُعَيِّدْ لِصَليبِ المَسيح

القوت اليومي

لِنُعَيِّدْ لِصَليبِ المَسيح

 

 

 

 

 

رَبُّنا على الصَّليبِ وَنَحْنُ في عيد، حتَّى تَعلَموا أنَّ الصَّليبَ عيدٌ واحْتِفالٌ رُوحِيّ. كانَ الصَّليبُ قديماً يُشيرُ إلى العِقاب، واليَومَ أصْبَحَ عِنْوانَ فخار. كانَ رَمْزاً لِلهَلاك، فصارَ مَبْدَأ الخَلاص. كُنَّا في نَظَرِ اللهِ أعْداءً غُرَباءَ بُعَداء، فأعادَنا الصَّليبُ أصْدِقاءَ لله، وَقرَّبَنا إليْه. فالصَّليبُ هادِمُ العَداوَة، وعُربونُ السَّلامِ وكنزُ كُلِّ خَيْر.

      

   بِعَوْنِ الصَّليبِ لنْ نَتيهَ بَعْدُ في صَحْراء، لأنَّا نَعْرِفُ طَريقَ الحَقّ ! لنْ نُقيمَ خارِجَ القصْرِ الملَكِيّ، لِأنَّا وَجَدْنا الباب ! لنْ نَخافَ سِهامَ الشَيْطانِ المُلتَهِبَة، لأنَّا وَجَدْنا اليَنْبوع ! بِعَوْنِ الصَّليبِ لمْ نَعُدْ في وَحْشَة، لأنَّا وَجَدْنا العَروس ! ولا نَخافُ الذِئْبَ لأنَّ لنا الراعِيَ الصالِح ! بِعَوْنِ الصَّليبِ لنْ نَخْشى الغاصِب، لأنَّا إلى يَمينِ المَلِكِ جالِسون !

       

 فنَحْنُ في عيد، إذ نَحْتَفِلُ بِذِكْرى الصَّليب. والقدَّيسُ بولُسُ نَفْسُهُ يَدْعونا إلى العيدِ إكْراماً لِلصَّليب : "فلنُعيِّدْ إذَنْ لا بالخَميرِ العَتيق، ولا بِخَميرِ السُّوءِ والخُبث، بَلْ بِفَطيرِ الخُلوصِ والحَقّ"،  وَقدْ بَرَّرَ ذلكَ بالقول : " لِأنَّهُ قدْ ذُبِحَ فِصْحُنا المَسيح !".  أرأيْتُمْ لِماذا يَأمُرُنا بالعيدِ إكراماً لِلصَّليب؟ لأنَّ المَسيحَ على الصَّليبِ قد ذُبِحَ ! وَحَيْثُ الذبيحَةُ فمَغْفِرَةُ الخَطايا، والمُصالحَةُ مَعَ الربّ، والعَيدُ والفَرَح.

     

    

جميعُ الأرضِ تَقدَّسَتْ، صارَتْ أقدَسَ مِنْ قُدْسِ الهَيْكَل : في الهَيْكَلِ لمْ تُقرَّبْ سِوَى ذبائِحَ حَيَوانيَّةٍ غيرِ عاقِلة، أمّا على الصَّليبِ  فالذبيحَةُ روحِيَّة. ومِقدارَ ما تَعْظُمُ الذبيحَة، كذلِكَ تَفيضُ النِعْمَةُ المُقَدِّسَة !

       

 

 وعليهِ نَحْتَفِلُ بِعيدِ الصَّليب.

 

 

 

(خطبة عن الصليب واللص، 1)

القِدِّيسِ يوحنَّا فمِ الذَهَب(+407)