كنيسة ُ الأرضِ وكنيسَة ُ السَماء

القوت اليومي

كنيسة ُ الأرضِ وكنيسَة ُ السَماء

 

 

 

 

قراءةٌ من وثائق المَجمَعِ الفاتيكاني الثاني المَسكوني.

 

 

 

كنيسة ُ الأرضِ وكنيسَة ُ السَماء

 

بِما أنَّا اتِّحَدْنا بالمَسيحِ في الكنيسَة، وخُتِمْنا بالروحِ القدس "الذي هُوَ عُربونُ ميراثِنا"، فإنّنا نُدعى أبناءَ اللهِ حَقًّا، وإنَّا لكذلِك. ولكِنَّ الساعة لمْ تأتِ بعدُ، لِنتجلّى معَ المَسيحِ في المَجد، حيث ُ نَصيرُ شبيهين بالله، لأنّنا سَنراهُ كما هُوَ. ولذلك "ما دُمنا مُستَوطِنين في الجَسَد، فنحنُ مُتَغرِّبون عَنِ الرَّب"، وقدْ حَصلنا على بواكيرِ الروح تئنُّ في باطِنِنا، ونرغبُ في أنْ نكون معَ المَسيح، والمحبَّةُ عينُها تَدفعُنا لِنَحيا للذي ماتَ وقامَ لأجلِنا، وَنحرَصُ أنْ نُرضِيَ الربَّ في كُلِّ شيء، ونلبَسَ سِلاحَ اللهِ لِنستَطيعَ أنْ نُقاوِمَ مَكايِدَ إبليس، ونقفَ في وَجهِهِ يومَ الشرّ.

 

 

ولمّا كُنّا لا نعلمُ اليومَ والسّاعة، يجِبُ أنْ نَكون دومًا مُتيقّظين، حسبَ تنبيهِ الرّب، لنَستَحِق ّ - وقدْ أكمَلنا المَجرى الوَحيدَ لِحياتِنا الأرضيّة - أنْ نَدخُلَ معهُ في العُرس، ونكون أهلًا أنْ نُعَدَّ معَ المُباركين، بَدَلَ أنْ نَكون مثلَ العبيدِ الأشرارِ الكسالى، مُبعَدين بأمرٍ مِن اللهِ إلى النارِ الأبديّةِ وإلى الظلمَةِ البرّانيّة، "حيث ُ البُكاءُ وصريفُ الأسنان".

 

 

وبالفعل، قبلَ أنْ نَمْلِك معَ المَسيحِ المُمَجَّد، سنَظهَرُ كُلّنا "أمامَ مِنبَرِ المَسيح، لينالَ كُلُّ واحِدٍ على حسَبِ ما صَنَعَ وهوَ في الجَسد، خيرًا كان أمْ شَرًّا". وفي نهايةِ العالم، "سيَخرُجُ الذين عَمِلوا الصّالِحاتِ إلى قيامةِ الحياة، والذين عَمِلوا السَّيِّئاتِ إلى قيامةِ الدّينونة". لهذا، بما أنَّنا نعتَبِرُ "أنَّ آلامَ هذا الدّهر، لا تُقاسُ بالمَجدِ المُزمِعِ أنْ يتجلّى فينا، وأنَنا نَنتَظِرُ، ثابتين في الإيمان، "الرجاءَ السَّعيدَ وتَجلّي مَجدِ إلهِنا العَظيم ومُخلّصِنا يسوعَ المسيح"، "الذي سَيُعِدُّ جَسَدَ تواضُعِنا ليَكون على صورةِ مَجدِه"، والذي سيأتي "ليتمَجَّدَ في قِدِّيسيه، ويَظهَرَ بالعَجَبِ بين جَميعِ المؤمنين".

 

 

 فإلى أنْ يأتي الربُّ في مَجدِه، وجَميعُ ملائِكتِهِ معهُ، وإلى أنْ يَخضَعَ كُلُّ شيءٍ لهُ، بعدَ أنْ يُلاشى الموت، يُكمِّلُ البعضُ مِنْ رُسُلِهِ غُربَتَهُم على الأرض، والبعضُ قدْ أكملوا حياتَهُمْ يُطهَّرون، والبعضُ الآخر، وقدْ أصبَحوا في المَجد، يتأمّلون "باللهِ الواحِدِ المُثلّثِ الأقانيم، كما هُوَ في مِلءِ الضياء". إذا إنَّ الوَحدَة التي تربُطُ بين الذين لا يزالون في غُربة، وبين إخوَتِهِمْ الذين رقدوا في سلامِ المَسيح، لا تَعرِفُ أقلَّ انفصام، بل بالعَكسِ تتقوَّى هذه الوحدَةُ بتبادُلِ الخيورِ الرّوحيّة، بمُقتَضى إيمانِ الكنيسَة الدائِم.

 

 

(دستور عقائدي في الكنيسة، 48-49).