قلب يسوع مثال الأمانة

القوت اليومي

قلب يسوع مثال الأمانة

 

 

 

من يمكِنهُ أن يَشُكَّ بِمواعيد الله؟

 

كُلُّ تلك المواعيد معطاة للنّفس التي يدعوها الله إلى محبَّتِه. وكأنَّ الله ألزَمَ نفسه بأن يبقى دائِماً مستعِدّاً للقيامِ بما وعد، فكأنـَّهُ صنع عهداً بينهُ وبين النفوس لا يجوز أن يحلّه أبداً.

 

فكلّ نفسٍ تحبُّ الله على وَجهِ الأرض مقرّها السَّماء بعدَ الموت. وكلّ نفسٍ تحبُّ يسوع يحبُّها الآب السَّماوي: "من يُحبُّني يحبّهُ أبي". وكلُّ مَن يطلب نعمَة ً من اللهِ يجدُها. وإذا اتكلَ عليهِ أحد، يجد منه العناية أكثر من طيرِ السَّماء وزنابقِ الحقل. هذه هيَ مواعيد المسيح لكلّ نفس.

       

إنَّ الله لا يتركُ أحداً من تلقاءِ نفسه، لأنّهُ أحبَّنا أوّلا ً. ولا يُمكنُهُ أن يتحوَّلَ عن محبَّتِنا من تلقاءِ نفسِهِ، بل نحنُ نخونُ العهود ونبتعد عنه، وهكذا نضطرّهُ إلى أن يُغيِّرَ وعدهُ معنا. على أنّه رغم خيانتنا هذه، لا نزالُ نراه يطلبنا بكلِّ قواه، سواء كان بالوعد أم بالوعيد أم بالالهامات الصالحة والمصائب المتعددة، حتى كأنّهُ تعالى لا يهتَمُّ إلّا بنا ليرجعنا إليه ويتمّم مواعيده نحونا.

       

ومن يمكنه أن يتصوّر التشابيه التي مثـَّلها لنا الرّب يسوع، مُبرهِناً عن محبّتِه لنا، ولا يتحرّك متأثـِّراً من شرِّ الخطيئة؟ مثـَّلَ نفسهُ بأبي الابن الشاطِر، الذي كان ينتظِرُ عودة ولده. ولما رجع، وقعَ على عنقهِ وقـبّله، وغفرَ له، ثمَّ ألبسَهُ الحلّة الأولى وذبحَ لهُ العجلَ المسمّن. وقد توصَّلَ إلى أبعَد من ذلك في مثلِ الخروف الضّالِّ إذ ذهبَ إلى الجبالِ، بين الصّخورِ والأشواك، يبحث عن ذلك الخروف. فلمّا وجدَهُ حملهُ على كتفيه، عوضاً عن أن يُرهِقهُ بالضرب والمشي.

      

  إنَّ الله أمينٌ في مَواعيدِه، لكنَّ النّفس هي التي تخونُ مواعيدَها، وذلك لأسباب:

 

أوَّلا ً: لأنّها تُهمِلُ الصَّلاة. فكلُّ نفسٍ تَصُمُّ أذنيها عن سماعِ صوتِ الله، وتكُفُّ لِسانَها عن التّضرُّع إليه، تُحرمُ نيلَ نِعمِه. وهكذا تُسلّم ذاتَها إلى خطرِ الابتعاد عنه.

 

ثانيا ً: روحُ العالم يجذبنا إليه، لأنَّ الشكوك في العالم كثيرة فبعضُها يملّق النّظر، وبعضُها يجذبُ السّمع، وبعضُها يستولي على كلِّ حواس النّفس، فيمتلكها ويُبعِدُها عن الله.

 

ثالثا ً: شهواتُ الجسدِ التي تدفعُها إلى التّمتُّعِ باللّذاتِ الحاضِرة وتُنسيها المُستقبلة، وهكذا تُبعِدُها عن الله.

      

  فإذا شِئنا أن نبقى أمناء، علينا أن نقومَ بواجِبِ الصَّلاة المُتواصلة، ونُحارِبَ روحَ العالم وشهوات الجسد، فيَبقى اللهُ أمينا ً نَحونا بِمواعيدِه.

 

كتاب "تأمّلات شهر حزيران"

لأحد أبناء الرّسالة.