في الصّمتِ المُقدّس

القوت اليومي

في الصّمتِ المُقدّس

 

 

 

 

بدايَةُ الصَّمتِ العُزلةُ عن كُلِّ ضوضاءٍ مُزعِجةٍ للنّفس... ونِهايَةُ الصَّمتِ قِلّةُ الاكتِراثِ بأيـَّةِ ضوضاء، وعَدَمُ التّأثـُّرِ بها، فيَخرُجُ الإنسانُ ويدخُل، وكُلّهُ دَعَة ٌ وحُبٌّ دون كلمَةٍ يلفِظـُها.

 

 الرَّجُلُ الصَّامِتُ يحتَفِظُ في نفسِهِ بإلهاماتٍ سَماويَّة.

 

        

 

 معَ الرَّجُلِ الصَّامت، تقفُ القُوَّاتُ السَّماويَّةُ لتَشتَرِكَ معهُ في التّسبيحِ والعِبادَة، بل وتَتوقُ أنْ تُرافِقهُ على الدّوام.

        

 

 شعرةٌ صغيرَةٌ تُزعِجُ العين، واهتمامٌ صغيرٌ يُفسِدُ الصَّمت، لأنَّ الصَّمتَ عدُوُّهُ الأفكارُ والاهتِمامات، حتّى التي تَظهرُ أنّها للخير.

      

 

 الصَّمت بِمَعْرِفةٍ هُوَ صَلاة. ألصَّمْتُ يَحْفظ ُ حَرارَةَ القَلب، ويُدبِّرُ الأفكارَ ويرصُدُ الأعداء. يُعلّمُ الدُّموع. يُذكّـِرُ بالمَوت.

 

 الصَّمتُ هُوَ نُمُوُّ المعرِفة، مُهيِّئُ الأفكارِ الرُّوحانيَّة.

        

 الذي قدْ عرَفَ مَرارة سقطاتِ اللّسان، يَحذرُ مِن الكلام، أمَّا كثيرُ الكلام، فلم يعرِفْ نفسَهُ بعدُ كما ينبغي.

      

 الذي أحبَّ السُكون، اقتَرَبَ مِن الله، وكُلّما اقتَرَبَ إليهِ كُلّما استنارَ مِنهُ فزادَ صَمتُهُ.

        

أفضَلُ للإنسانِ أنْ يسقُطَ مِن مكانٍ عالٍ على الأرض، ولا يَسقُطَ مِن لِسانِهِ.

      

 أغلِقْ بابَ المُخدَع على الجسَد، وبابَ الفمِ على اللّسان، وبابَ القلبِ عنِ الشَّهواتِ والأفكارِ الكثيرَة.

        

أذُنُ السَّاكِتِ تَسمَعُ مِن اللهِ العَجائِب.

      

 صاحِبُ السُّكوتِ هوَ الذي يَفِرُّ مِنْ جَميعِ النّاسِ بغيرِ بُغضَة.

 

مِن أقوالِ الأبِ يوحنّا السُّلميّ (+705).