عظةُ يومِ الجمعةِ من أسبوع الشّعانين

القوت اليومي

عظةُ يومِ الجمعةِ من أسبوع الشّعانين

 

 

 

 

 

 

إذ قدْ وَصَلنا بنعمَةِ الله، مُحِبِّ البشر، إلى نهايةِ الأربعين المُقدّسة، وأتْمَمْنا العِدَّة َ المفروضَة َ علينا، بقيَ علينا أن نَحْذَرَ المَللَ ونَرفُضَ الفشل، ونخافَ منِ احتيالِ الصَيّادين، ونُظهِرَ حرارة الشّوقِ ونُضاعِفَ وسائلَ الطلب، لِنَبلُغَ ذُروة َ الفضيلةِ وندخُلَ مدينةَ الظافرين.

 

لأنَّ مُدبِّري السفينةِ هكذا يَصنعون: فإنّهُم إذا أوغلوا في السفر، وضاعفوا الجَهْدَ وقطعوا مُعظمَ اللُجَجِ الهائلةِ والأنواءِ الرَّهيبة، وقاربوا الميناء المقصود، إذا بهم يدفعون عزماً بعزم، ويُعْمِلون الآلاتِ والرِّجالَ تدارُكاً للطوارِئ الفواجع، كُلُّ ذلكَ لضمانِ الوصولِ إلى الميناءِ بِسَلام.

      

إذا كان ربابِنَة السُفُنِ يجتهدون هذا الإجتهاد عندَ إشرافهم على غايةِ مَهَمّتهم، يتنافسون في أدائها حتّى السخاءِ بالنفسِ، فكم ضِعفًا مِن الجَهْدِ يَجِبُ علينا نحنُ أصحابَ البضائعِ الثمينةِ والجواهِرِ الكريمَة، وقدْ بلغنا آخِرَ المَسافة، وكم يلزمُنا أنْ نتحَفّظَ مِن المُعانِدين، لأنَّ اللصوصَ أعداءَ الفضيلة، إذا رأونا قد سَهِرْنا اللّيلَ كُلّهُ، وَحَفِظنا كُنوزَنا وحَرَسْنا ذخائِرنا، يُحيطون بنا، ريثما يَغلِبُ علينا النومُ والكسَل، فيُطبِقون علينا وَيَخْطَفون أمتعتَنا وَيفوزون بِذخائِرِنا وَكُنوزِنا...

 

(العظة 76)

 

القدّيس يوحنّا فمِ الذَهَب ( +407)