شكوى الخاطىء

القوت اليومي

شكوى الخاطىء

 

 

بأيّة كلمات أقول أفعالي

وكيف أُدافع عن نفسي أمامك

وكيف أقترب منك

وألتمس رحمتك وخلاصك يا ملك المجد

لأني إذا أمعنتُ النّظر إلى ذاتي

تحكُم عليّ ذنوبي.

 

فكيف يجسُر على التماس معونتك

مَن هو مُستحقٌ عقاب الموت

وكيف يطلب المكافأة والكرامة

مَن أهمل التّكفير عن ذُنوبه

فأهان مَلِكه وأحزن قلب والده الحنون

وصار كالإبن الذي سَخِر بأبيه

وادّعى لنفسه الإرث قبل توبته.

 

وكيف أطلب الشّفقة والحياة

وأطمع في النُّصح والهِداية

وقد احتقرتُ بمعاصيَّ

القاضي الذي عدتُ إليه

طالبًا أن يكون لي ميناءً وحارسًا.

 

وإذا كانت أفعال البارّ الجيدة

تُحسَب كل شيء،

إذا اقترف ذنبًا واحدًا، كما كُتِب،

فكيف تكون حال الذي

يرجع تكرارًا إلى الإثم؟

 

فيا خجلي كم مرّة ندمتُ على خطيئتي

ثم عدتُ فدنّستُ نفسي بالآثام أمامك.

 

واأسفاه كم أبطأتُ في الاستغاثة بك

وما أشقاني لأني أهملت الرّجوع إليك

وندمي لاني الآن مُسرعٌ إلى حِماك

مُهشّمًا ومُجرَّحًا ولم أحذر سلاحِ عدوّي.

 

فإنيّ عندما كنتُ صحيحًا سالمًا

لم أعبأ بسهامه القتّالة

لكني الآن أنظر إلى ذاتي قريبًا من الموت

مُلتحفاً بالخزي والخجل.

 

لقد صنعتُ شرًّا فوق شرّ

وزدتُ جراحًا على جراحي

واخفيتُ ذنوبي القديمة

وسترتُ قبائحي الجديدة،

وتلك التي تَضَمّدت سابقًا بدواء سماويّ

تفجّرت مُجدّدًا بفعل آثامي وجهلي.

 

والغشاوة التي كنتُ أسترُ بها

جراحي وقبائحي

قد كشفَتها الآن شهواتي،

والمآثم التي أفرطتُ في ارتكابها

حجبت عنّي الرّحمة

التي أفاضها عليّ بجودته

القادر على كلّ شيء.

 

أعترفُ لك يا رب

بأني كثيرًا ما سبّبتُ الخطيئة لسواي

وعلّمتُ الإثم للبُسطاء

ونصبتُ فخاخًا للسّائرين في الطّريق القويم

وصرتُ سبب عثرةٍ لكثيرين

من الذين كانوا يطلبون سبيل الهُدى

وقد اقترفتُ كلَّ ذلك من دون خوف.

 

لكن أنت قاضيَّ العادل، العالِم بالخفايا

اطَّلعتَ على أعمالي وأحصيتَ خطواتي

وسكتَّ عني، ولا تزال صابراً علي.

 

فيا عارف القلوب، أيها الربّ فاديّ

شدّدني وامنحني توبةً ثابتة

قبل أن يأتي صوتُك أيها الديّان العادل

لتُقيم الجداء عن يسارك والخراف عن يمينك

 

فأعطني في ذلك اليوم

أن أكون جديراً بنعمتك

فأنال خلاصك وأدخل ملكوتك

وأتمتع بغبطة قديسيك. آمين.

 

القديس أغوسطينس