سِرُّ التّجَسُّد

القوت اليومي

سِرُّ التّجَسُّد

 

 

 

 

 

 

إنَّ رَبَّ الكَونِ وباريَهُ، صانِعَ الأشياءِ جَميعِها، وَمُرَتّبَها وَفْقَ نِظامٍ سَنَّهُ لها، قدْ ظَهَرَ لِلبَشَرِ في مِلْءِ مَحَبَّتِهِ  وبِالصَّبْر، والأناة. لقد كان دَوماً هُو، وَسَيَكون كما كان:  مُنْقِذ ٌ وَعَطوفٌ، عَذبٌ وَحَقّ.

 

 

إنّهُ الصَّلاحُ بِالذ َّات، وَقدْ قصَدَ مَقصَداً ذا عَظَمَةٍ لا تُوصَف. لمْ يُطلِعْ عليه أحدَاً غيرَ ابْنِهِ الوَحيد. أمَّا في غُضونِ الزّمَنِ  الذي احْتَفَظَ بِمَقصَدِهِ الحَكيمِ في سِرِّهِ الخَفِيّ، فإنّهُ بَدا لنا كَأنّه ناسينا، غيرَ مُكْتَرِثٍ لنا.

 

إلّا أنّهُ يَومَ كشفَ لنا عَنْ مَقصَدِهِ في شَخْصِ ابنِهِ الحَبيب، وأعْلن ما أعَدَّهُ لنا مُنذ البَدء، وَهَبَنا دَفعَة ً واحِدَةً كلَّ شيء، وأعطانا أنْ نَشتَرِكَ في إحْساناتِهِ إلينا، وأن نَرَى وَنَعِيَ ما أرادَهُ لنا.

 

مَنْ مِنّا كان على عِلمٍ بِما أعَدَّهُ لنا؟ يَومَ تَفاقمَ شَرُّنا، وباتَ مِن المُحَتَّمِ وقوعُ العَذابِ والمَوتِ جزاءَ فسادِنا، حان الزّمانُ الذي حَدَّدَهُ اللهُ لِيُعْلِن فيه غِنَى وُجودِهِ وَعَظَمَة قُدْرَتِهِ. ما أغزَرَ دَفقَ جُودَةِ اللهِ وَمَحَبَّتِهِ لِلبَشَر! 

 

 

 

قراءَةٌ مِنَ الرِّسالةِ الى دْيُوجْنِسْ (حوالي القرن الرابع)