راحة ُ السبت

القوت اليومي

راحة ُ السبت

 

 

 

 

 

الآن تَتِمُّ راحة ُ السَّبْتِ الحقيقيَّة، تلكَ التي بارَكها اللهُ وفيها ارتاحَ الرَّبُّ مِنْ مِحَنِه، بعْدَ أنِ احْتَفَلَ بانتِصارِهِ على المَوت، لأجْلِ  خَلاصِ العالَم.  لقدْ ظهَرَتْ نِعْمَة ُ هذا النَّهارِ لِعُيونِنا وآذانِنا وقلبِنا.

 

إحْتَفَلْنا بالعيدِ بِكُلِّ ما رأيْنا وَسَمِعْنا ومَلأَنا فَرَحاً. ماذا رَأيْنا؟ ضياءَ المَشاعِلِ التي كانتْ تُنْقَلُ في اللّيلِ كَغمامَةٍ مِنْ نار. وسَمِعْنا طوالَ اللَّيلِ رَنين المَزاميرِ والأناشيدِ والترانيم ِ الرُوحِيَّة.  فكانَ هذا سَلسالا ً مِن الفَرَحِ يَجْري بآذانِنا إلى نَفْسِنا فَيُفْعِمُنا آمالا ً سعيدة.

 

وكان أخيراً قلبُنا المأخوذ ُ بِما نَسْمَعُ وَنَرَى مُفْعَماً فَرَحاً وَغِبْطَة، يَقودُهُ المَنْظُورُ إلى اللامَنْظُور: "هذِهِ الخَيراتُ التي لَمْ تَرَها عينٌ ولَمْ تَسْمَعْ بِها أذُنٌ ولَمْ تَخْطُرْ على قَلْبِ بَشَر"(1 كور2/9). إنَّ أفراحَ يَوْم ِ الراحَةِ هذا تُقَدِّمُ لنا عنها مِثالا ً، لقد كانَتْ عُرْبون رَجائِنا الفائِقِ الوَصْفَ في المَصيرِ المُرْتَقَب.

     

  بِما أنَّ هذه الليلة َ المُتلألِئَةَ بالنّورِ التي جَمَعَتْ بَينَ بَريق ِ المَشاعِل ِ وأشِعَّةِ الشَّمْسِ الأولى، ألَّفَتْ مَعَها يَوماً واحِداً، دونَ أنْ تُفسِحَ مَجالا ً لِلظلام ِ فلنتأمَّلْ، يا إخْوَتي، النُبوءَةَ القائِلَة: "هُوذا اليومُ الذي صَنَعَهُ الرَّبّ"(مز117/24). إنَّها لا تَعْرُضُ أيَّ أمْرٍ شاقٍّ أو صَعب، بَلِ الفَرَحَ والسعادَة َ والبَهْجَة  لأنَّها تُضيف: "فَلْنَفْرَحْ وَنَبْتَهِجْ بِهِ"!

     

  يا لَهُ مِنْ شاغِل ٍ شَيِّق! ما ألطَفَه أمْراً! مَنْ يَتَرَدَّدُ في الطاعَة ِ لِمِثل ِ هذه الأوامر؟  مَنْ لا يَشْعُرُ بِضَيْم ٍ إذا تَباطَأ في تَنْفيذِها؟ المَقْصودُ أنْ نَفْرَح، فَنَحْنُ مأمورون بأنْ نَبْتَهِج، وبِهذا مُحِيَ العِقابُ القاضي على الخطيئَة ِ وتَحَوَّلَ حُزْنُنا إلى فَرَح.

 

 

                                                            (عظة 219 ،عن القيامة) 

 

القِدِّيس غريغوريوسَ النيِّصي (+394)