حياةُ الإيمان وحياة العيان

القوت اليومي

حياةُ الإيمان وحياة العيان

 

 

 

 

 

في الكنيسةِ نوعانِ مِن الحَياة: ألأوّلُ بالإيمان، والثاني بالعَيان ؛ واحِدٌ لِزمانِ الغُربَة، والآخرُ لِزمانِ الخُلُود ؛ واحِدٌ لِلشُغلِ والكدّ، والآخرُ لِلهُدوءِ والسُّكون ؛ واحِدٌ لِلطَريق، والآخر لِلبلدِ الذي لا يَنتهي إليهِ

 

الطريق ؛ واحِدٌ لِجِهادِ العمل، والآخرُ هِبَةُ التأمُّل ؛ واحدٌ لترْكِ الشّرِّ وعَمَلِ  الخَير، والآخرُ ليسَ فيهِ شَرٌّ يُترَكُ بَلْ خيْرٌ يُدرَك ؛ واحدٌ في حَرْبِ العَدّو، والآخرُ بِلا حربٍ ولا عَدوّ ؛ واحِدٌ يَنمو وَيَتَقوَّى

 

بِالتّجارِبِ وَالمِحن، والآخرُ ليسَ فيه مَجالٌ لِلتَجْرِبَةِ ولا شعورٌ بِالمحنةِ ؛ واحِدٌ يَمْتَطي شهْوَة اللّحْم، والآخرُ يَسيرُ وَراءَ الرّوح ؛ واحِدٌ يَهْتَمُّ لِيَنالَ النّصْر، والآخَرُ يَحْيا في النّصرِ بِلا هَمّ ؛ واحِدٌ يَسألُ

 

المَعونَة في البليَّة، والآخَرُ يَحْيا غيرَ مُبالٍ بِالبَلايا، إذ يَكونُ في حِفظِ مَنْ يُعينُ وَقتَ الهُمومِ والبَلايا ؛ واحِدٌ يُساعِدُ المُحْتاج، والآخرُ يَعيشُ بِلا حاجَة؛ واحِدٌ يَغفِرُ لِلمُذنِبِ إليهِ ليُغفَرَ ذنبُهُ، والآخرُ لا يَشْعُرُ بِأنَّ

 

أحَداً قدْ أذنَبَ إليه، أو هُوَ أذنبَ إلى أحد ؛ واحِدٌ يُمتحَنُ بِالشَّرِّ لئلا يَسْتَعلي بِالخير، والآخرُ لا يُؤدَّبُ، لأنّهُ، بِالنِعمَةِ، يَلتَصِقُ بِالخيرِ الأعْظَم ؛ واحِدٌ يُميِّزُ بَين الخَيرِ والشرّ، والآخرُ يَرى الخَيرَ في كُلِّ شيء.

 

  فالأوَّلُ حَسَن، و لكنّهُ لا يزالُ يَشقى ؛ أمَّا الآخرُ فأحْسَنُ وَيَبْقى حَسَنا. 

 

القديس أغوسطينوس (+ 430)