تَعالَ إليَّ

القوت اليومي

تَعالَ إليَّ





تَعالَ إليَّ كما أنتَ بِلا تَزييفٍ وَلا تَمْويه. إنْ كُنْتَ خاطِئًا فتَعالَ إليَّ بِخَطاياكَ وَزَلّاتِك، بِضُعْفِكَ وَأميالِكَ التي لا عَدَدَ لها. أبْرِزْها أمامي فأغْفِرَها  لك.


وَكُنْ واثِقًا بِأنـَّهُ إنْ تُبْتَ عَن خَطاياكَ بِإخلاص، واسْتَغفَرْتَني مِنها بِاتِّضاع، وَعَزَمْتَ العَزْمَ الثابِتَ على أنْ تُحارِبَ مَيلك إليها، أمْسَتْ خَطاياكَ أمامي كالهَباءِ الذي تُذريه الرِّياحُ فلا يَبقى لهُ أثر.

إنَّ في قلبي لَبَحْرًا مِنَ الرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ ليسَ بِإزائِهِ كُلَّ ما ارْتكبَهُ البَشَرُ مِن آثامٍ وَكُلَّ ما سَيَرْتَكِبونهُ مِنْ خَطايا إلّا كَنُقطَةِ ماءٍ ضائِعَةٍ في المُحيط.


آمِنْ يا مِسكين وَثِقْ بِكَوني أحِبُّكَ أكثرَ مِمّا أحْبَبْتَ أنتَ خَطاياكَ وَأرجاسَك.


حُبِّي لكَ أبَدِيٌّ لا يَتَغَيَّر، وَحُبُّكَ لِخَطاياكَ سُقوط ٌ عابِر . فكَيْفَ لا أغْفِرَها لكَ إنْ أتيْتَ إليَّ؟

تَعالَ إليَّ بِهُمومِكَ  وَأحْزانِك.


لقد اخْتَبَرْتُ الألمَ وَذقتُ طَعْمَ كُلِّ الأوجاعِ وَالأحزانِ وَعَرَفْتُ جَميعَ أشواكِ الحَياةِ وَصُلبانِها بِأسْمائِها.


أعْطني آلامَكَ وَأحْزانَكَ. ضَعْها في كأسِ آلامي فتُصْبِحَ لِنَفسِكَ غِسْلا ً يُطهِّرُها كما تُطَهِّرُ الدُّموعُ المُقلتَين.


وَتَرى حينئذٍ أنَّ أخْصَبَ أرضٍ لِلخَيْرِ هِيَ أرضُ الآلامِ إذا أتيتُ إليكَ وَحَرَثتُها مَعَك.

سَلّمْ إليَّ هُمومَكَ وَأتعابَكَ وَاعْلمْ أنَّ مَنْ يَسْتَسْلِمَ إليَّ لا يُرَدُّ خائِبًا. ضَعْ رأسَكَ مِنْ قلبي مَوضِعَ رأسِ التلميذِ الحَبيبِ مِنْهُ وَكَلّمْني بِهُدوءٍ  وَاطمِئنانٍ وَثِقةٍ عَن كُلِّ ما يَهُمُّكَ وَيَشْغِلُ فِكرَكَ.


 

 الأب بولس نويا اليسوعيّ من كتاب "صوت المسيح"