تَشابيهُ الكَنيسَة

القوت اليومي

تَشابيهُ الكَنيسَة

     

 

 

 

 

 

 

 

 ألكَنيسَة هِيَ الحَظيرَةُ التي بابُها الوَحيدُ والضَروريُّ هُوَ المَسيح. وَهِيَ أيْضاً القَطيعُ الذي سَبَقَ اللهُ وأعْلَنَ أنَّهُ سَيَكونُ راعِيَهُ، وَأنَّ المَسيحَ نَفْسَهُ الراعي الصالِحَ وأميرَ الرُعاةِ الذي بذلَ نَفْسَهُ عَنِ الخِراف، لا يَزالُ يَقودُ وَيُغَذي دائِماً خِرافَ هذا القطيع، وإنْ قادَهُ رُعاةٌ بَشَر.

      

ألكنيسَةُ هِيَ الأرضُ المَزروعَةُ أو حَقلُ الله. في هذا الحَقْلِ نَمَتِ الزَّيتونَةُ القَديمَةُ التي أصْلها المُقَدَّسُ الآباء، وفيهِ تَمَّ الصُّلحُ وَيَتِمُّ مِنَ اليَهودِ وَالأمَم. وَلقدْ نَصَبَها الكَرَّامُ السَّماوِيُّ كَكَرمَةٍ مُختارَةٍ، والكَرمَةُ الحَقيقيَّة، هُوَ المَسيحُ الذي يُعطي الحَياةَ والماوِيَّةَ للأغصان، أيْ لنا نَحنُ الذينَ بالكَنيسَةِ نَثْبُتُ فيهِ، وَبِدونِهِ لا يُمكِنُنا أنْ نَعْمَلَ شَيئا ؛ وَغالِباً ما تُدعى الكَنيسَةُ أيْضاً بُنيانَ الله.

 

ولقدْ شَبَّهَ الرَّبُّ نَفسَهُ بالحَجَرِ الذي رَذلَهُ البَنّاؤون، لَكِنَّهُ صارَ رأساً لِلزاوِيَة، وعلى هذا الأساسِ ثباتُها وَتَلاحُمُها. وَلقدْ زَيَّنَ هذا البِناءَ بِأسْماءَ شَتَّى : بَيْتِ اللهِ حَيثُ تَسْكُنُ عَيلتُهُ، مَسْكِنِ اللهِ في الرُّوح، هَيكَلِ اللهِ مَعَ البَشَر، لا سِيَّما الهَيْكَلِ المُقَدَّسِ الذي رَمَزَ اليهِ بالهَياكِلِ الحَجَرِيَّة، والذي هُوَ مَوْضوعُ مَديحِ الآباءِ القِدِّيسين ؛ والمُشَبَّهُ عَنْ حَقٍّ في الطَقسِيَّاتِ بالمَدينَةِ المُقدَّسَة، أورَشَليمَ الجَديدة التي مُنذ هَذِهِ الحَياةِ نَحْنُ حِجارَتُها الحَيَّة. هَذِهِ المَدينَة المُقَدَّسَة التي تَأمَّلَها يوحَنّا نازِلةً مِنَ السَّماء، مِنْ عِنْدِ الله، في السَّاعَةِ التي يَتَجَدَّدُ فيها العالَم، مُهَيَّأةً كَعَروسَةٍ مُزَيَّنَةٍ لِعَريسِها. وَتُدعى الكَنيسَة أيضاً "الأورَشَليمَ العُلوِيَّة" و"أمَّنا".

 

وَتُوصَفُ بِأنَّها عَروسَةٌ نَقيَّةٌ لِلحَمَلِ النَّقِيّ، أحَبَّها المَسيحُ وَبَذلَ نَفسَهُ دونَها لِيُقَدِّسَها. وَقدِ اقتَرَنَ بِها بِعَهْدٍ لا يَنْحَلّوُ، وما بَرِحَ يُغَذِّيها وَيَعتَني بِها. أمَّا وَقدْ طَهَّرَها، فإنَّهُ أرادَ أنْ يَضُمَّها إليهِ وَيُخضِعَها لهُ في المَحَبَّةِ والأمانة، مُغدِقاً عليها، وإلى الأبَد، خَيراتِهِ السَّماوِيَّة، حَتّى نَتَمَكَّنَ أنْ نَفهَمَ حُبَّ اللهِ والمَسيحِ لأجْلِنا، حُبٌّ يَتَحَدَّى كُلَّ إدراك. وَطالَما أنَّها تَسيرُ على هذِهِ الأرضِ بَعيدَةً عنِ الرَّبّ، تَعتَبِرُ الكَنيسَةُ ذاتَها في مَنفى، بِمَعنى أنَّها لا تَزالُ تُفَتِّشُ عَمَّا هُوَ فوقُ وَتَحْفَظ طَعْمَهُ، حَيث المَسيحُ جالِسٌ عَنْ يَمينِ الله، وَحَيْث حَياةُ الكَنيسَةِ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ المَسيحِ في الله، إلى تِلكَ الساعَةِ التي فيها سَتَظهَرُ بالمَجْدِ مَعَ عَريسِها.

 

 

 

(دستور عقائدي في الكنيسة، 6)

 

مِنْ وَثائِقِ المَجْمَعِ الفاتيكاني الثاني المَسْكوني