إلى مُلاقاةِ النّور

القوت اليومي

إلى مُلاقاةِ النّور

 

 

 

 

 

 

لِنُسْرِعْ كُلّنا إلى مُلاقاةِ المَسيح. نَحْنُ الذين نُكَرِّمُ سِرَّهُ بِكَثيرٍ مِن العِبادَة، لِنَتَقدَّمْ مِنْهُ بِكُلِّ قلبنا... لِنَحْمِلْ مَعَنا بَهاءَ شُموعِنا، لِكَيْ نُشيرَ إلى عَظَمَةِ الآتي الإلهيَّة. بِهِ يَتَلألأ وَيُضيءُ بِنورٍ أزَليّ، يُزيلُ ظلماتِ الشَّرّ. لِنعْطِ أنفسَنا البَهاءَ الذي يُوافِقُ هذا اللّقاء. كما أنَّ أمَّ اللهِ العَذراءَ البالِغَة الطهارَةِ حَمَلتْ على ذِراعَيها النّورَ الحَقيقيّ، وَقدَّمْتَهُ لِلذين يَتَخَبَّطون في الظلام، كذلِك فلنُسْرِعْ، على ضَوءِ نورِها، وبِأيْدينا نورٌ جَليٌّ لِلجَميع، إلى مُلاقاةِ المَسيح.

 

جاءَ النّورُ إلى العالم، وكان غارِقاً في الظلام، فأنارَهُ. جاءَ النّورُ مِن العُلى وزارَنا لِيُنيرَنا، وَقد كُنّا جالِسين في الظلمَة. هذا السِّرُّ هُوَ سِرُّنا، إذاً يَليقُ بِنا أنْ نَسيرَ وبِأيدينا الشُموع وَنُسْرِع حامِلين المَشاعِل، لِنُشيرَ إلى النّورِ الذي أضاءَنا وَندُلَّ على البَهاءِ الذي سَيَحْصُلُ لنا فيما بَعْدُ.

 

إذاً لِنُسْرِعْ مَعاً، لِنُسْرِعْ كُلّنا إلى اللهِ خَوفاً مِنْ أنْ يُسَبِّبَ لنا نُكران الجَميلِ كَسَلـُـنا، أو ارْتِكابَ الجُرْمِ المُخيفِ بِاحْتِقارِنا لهُ. فلنَسْمَعْ أيْضاً ما كان يَقولـُه قديماً لِليَهودِ الغارِقين في الظلامِ والمُتَنَكّرين لِلنّور: "إنَّ النّورَ جاءَ إلى العالمِ والنّاسُ أحَبُّوا الظلمَة على النّور، لأنَّ أعْمالهُم كانَتْ شِرِّيرَة. ألشَّرُّ يَجْعَلُ النّفسَ في ظلمَة، وَيَمْنَعُها مِنْ رُؤيَةِ النّور.

والإنجيلُ يقولُ أيضاً: "والنّورُ يُضيءُ في الظلمَة، والظـُلمَة ُ لمْ تُدْرِكْهُ".

 

لقد جاءَ النّورُ الذي يُضيءُ كُلَّ إنْسانٍ آتٍ إلى هذا العالم. فليُضْىءْ علينا كُلّنا، يا إخْوَتي، وَلِيُنَوِّرْنا كُلّنا، فلا يَبْقى مِنّا أحَدٌ بَعيداً عَن هذا البَهاء، ولا أحَدٌ غارِقاً في اللّيل. فلنتَقدَّمْ بِالأحْرَى مِن النّور، ولِنَسِرْ إلى لِقائِه، مُسْتَنيرين. وَلنَقْبَلْ مَعَ سِمْعان الشّيخ: هذا النّورَ السَّاطِعَ بِالبَهاءِ الأزَليّ.

 

فلنَبْتَهِجْ مَعَهُ مِنْ كُلِّ قلبِنا، وَلِنُرَتّلْ مَزمورَ شُكْرٍ لِلهِ أبي النّورِ الذي أرْسَلَ إلينا النّورَ الحَقيقيَّ لِيَنْشـُلنا مِن الظلامِ ويَجْعَلنا مُشِعِّين. فلِلهِ يَعودُ الخَلاصُ الذي أعَدَّهُ أمامَ وُجوهِ الشُعوبَ كُلّها، نوراً يَنْجَلي لِلأمم، وَمَجْداً لِشَعْبِهِ إسْرائيل. وبِهِ نَحْنُ أيضاً رَأيْنا وَتَبَرَّرْنا مِنْ هَفواتِنا الماضِيَة، كما تَحَرَّرَ سِمْعانُ بِرُؤيَةِ المَسيح مِنْ قيودِ الحَياةِ الحاضِرَة.

 

 

 

القديس صفرونيوس (+ 638)