إحْتَفِظْ لِنَفْسِكَ بِشَيءٍ مِنْ نَفسِكَ (تابع)

القوت اليومي

إحْتَفِظْ لِنَفْسِكَ بِشَيءٍ مِنْ نَفسِكَ (تابع)

 

 

 

 

أتَحْسَبُ نَفْسَكَ وَقْفاً على الجَميعِ حُكماءَ وَجَهَلَة، وأنْتَ وَحْدَكَ تَمْنَعُ نَفْسَكَ مِنْ نَفْسِكَ ؟

 

أيَكونُ الجاهِلُ والحَكيم، ألعَبْدُ والحُرّ، ألغَنيُّ والفَقير، ألرَّجُلُ والمرأة، ألشَيْخُ والفَتى، ألاكلِيريكيُّ والعِلْمانيّ، ألبارُّ والشِّرِّير، كُلُّهُمْ يَتَقاسَمونَ حَياتَكَ بالتَّساوي، وَكَمِنْ يَنْبوع، كُلُّهُمْ يسْتَقونَ مِنْ قلبِك، وأنْتَ واقِفٌ جانِباً، تَموتُ ظَمأ ؟ فإنْ كانَ مَنْ يَخْتارُ الحَظَّ الأدنى جَديراً بالرَذْل، فما القوْلُ في مَنْ يَحْرِمُ نَفْسَهُ كُلَّ حَظ ؟

 

أجَل، دَفِّقْ مياهَكَ على السّاحاتِ العامَّةِ فَيَرْتَويَ مِنها الحَيَوانُ و الإنْسان، ولكِنِ اشْرَبْ أنْتَ أيْضاً مِثْلَهُمْ جَميعا، مِنَ الماءِ المُتَدَفِّقِ مَنْ بِئْرِكَ ! قالَ الكِتاب : ألغَريبُ وَحْدَهُ لا يَشْرَبُ مِنها ! أتَكونُ أنْتَ غَريباً ؟ إنْ كُنْتَ غَريباً عَنْ نَفْسِكَ، كُنْتَ غَريباً عَنِ الجَميع ! مَنْ كانَ لِنَفْسِهِ أقلَّ مِنْ عَدَم، كيفَ يَكونُ صالِحاً لِغَيْرِهِ ؟

       

فَتَذكَّرْ، لا دَوماً أو غالِباً، بَلْ أقلَّهُ بينَ وَقْتٍ وآخَر، تَذكّرْ أنْ تُعيدَ نَفسَكَ إلى نَفْسِك : فَمَعَ جَميعِ الذينَ تَخْدُمُهُمْ، أوْ أقّلّهُ بَعْدَهُم، أُطلُبْ أنْتَ الخِدمَةَ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفسِكَ !

 

 

(تحريض القديس برنردوس للبابا اوجانيوس الثالث، 1، 5 - 6)

 

القِدِّيسِ بِرنَرْدوس (+1153)