أَلإِرادتان

القوت اليومي

أَلإِرادتان

 

 

 

 

قراءة من القديس اغوسطينس (+430)

 

 

كُنتُ رازِحًا تحتَ وَطأَةِ العالم، راضيًا بهِ كمن يحلُمُ في نومِهِ، وَإن حاولتُ أن أُفكِّرَ فيك، كمن يرغَبُ في النُهُوضِ من نومِه، حتَّى إِذا استَيقَظَ عادَ واستغرَقَ فيه.

 

 

ما مِنْ أحدٍ يرغَبُ في النومِ الدائم. وما من احدٍ لا يُقِرُّ بأفضليَّةِ السهرِ على النوم، ولكن حين يستولي النُعاسُ على الأعضاء، يتأَخَّرُ الإنسانُ عن طردِهِ، فإذا دقَّت ساعةُ النهوض، يسترسِلُ فيه من جديد.

هكذا كُنتُ: معَ علمي أَنَّ تسليمَ نفسي إلى رحمتِكَ خيرٌ لي من السيرِ في رِكابِ شهواتي، فقد تركتُها تحتَ رحمَةِ الشهوات، أسيراً لها وعبدا.

 

 

وَسَمِعتُكَ تُناديني قائلاً: قُم أَيُّها النائِمُ من بينِ الموتى والمسيحُ يُضيءُ لكَ وَلم أجد ما أُجيبُ بِهِ على قَولِكَ الحقِّ الذي انتصَرَ عَلَيَّ.

 

أَجل، لم أجد سوى جواب رَجُلٍ استولى عليهِ الكرى، فراحَ يَتَثَاءَبُ وَيقول: أَلآنَ، أجلِ الآن! روَيدَكَ، رويدَكَ! بَيْدَ أَنَّ هذا الآنَ لم يَحِن بعد.

 

وطالت هذِهِ الهُنَيهَةُ من الزمن، وعبثًأ بحَثتُ عن غبطَةٍ للإِنسانِ الباطنيِّ في شريعَتِكَ، ما دامَ في أعضائي سُنَّةٌ أُخرى تُضادُ سُنَّةَ ضميري وتأسُرُني تحتَ سُنَّةِ الخطيئةِ التي في أعضائي.

 

 

وَلَئِنْ كَرِهَتِ النفسُ هذا الأمر فقد قضى عليها ذَنبُها أَن تَقع فيه عن هوى واختباَر.

 

 

أواه،ما أَشقاني! من يُنَجِّيني من جسدِ الموتِ هذا سوى نِعمَتِكَ بالمسيح يسوع رَبَّنا؟

 

(اعترافات، 8)