أيُّها المَسيحيُّ، تَنَبَّهْ لِعَظَمَتِكَ

القوت اليومي

أيُّها المَسيحيُّ، تَنَبَّهْ لِعَظَمَتِكَ

 

 

 

 

أيُّها الإخوَةُ الأحِبّاء، وُلِدَ لنا اليَومَ مُخَلّصٌ، فلنفْرَح! لا مَكان لِلحُزْنِ في هذا النَّهارِ الذي فيهِ تُولدُ الحَياة، تُبيدُ خَوفَ المَوت، وَتَغْمُرُنا بِالفرَح يُعْطينا الوَعْدَ بِالأبَديَّة. ليسَ لِأحَدٍ أنْ يَنْشَطِرَ عنْ هذا الفرَح. هُناك داع ٍ واحِدٌ إلى الفرَح، يَعُمُّ الجَميع، وهُوَ أنَّ رَبَّنا يَسوع المَسيحَ جاءَ ليُبيدَ الخَطيئة والمَوت، فلمْ يَجِدْ أحداً خالياً مِن الخَطيئة، فجاءَ يُحَرِّرُ كُلَّ البَشَر.

 

 

فليَبْتهِجِ القِدِّيس، لأنَّهُ قريبٌ مِن الظفر. وَلِيَتهَلّلِ الخاطِىء، لأنّهُ مَدْعُوٌّ إلى المُسامَحَة. وَلِيَتشجَّعِ الوَثنِيّ، لأنّهُ مُدْعُوٌّ إلى الحَياة. لمَّا تمَّ حقاً مِلْءُ الأزمِنَةِ المَعقودُ بِإصْبَع ِ الله، الذي لا يُدرَكُ عُمْقُهُ، أخَذَ ابنُ اللهِ على عاتِقِهِ الطبيعَة البَشَريَّة ليُصالِحَها مَعَ خالِقِها. فكلمَة الله، وَهُوَ اللهُ ابْنُ الله، الذي كان مَعَ الآبِ في البَدْءِ، وبِهِ كُوِّن كُلُّ شيء، وَبِغيرِهِ لمْ يُكَوَّنْ شيء، أصْبَحَ إنساناً لكيْ يُخَلّصَ الإنسان مِنْ مَوتٍ أبديّ. تنازَلَ لِيَعْتنِقَ حالنا الحَقيرة غَيرَ مَنقوصِ العَظمَة. أخَذَ ما لمْ يَكُنْ عليه، ولمْ يَبْرَحْ ما كان. وَحَّدَ حَالَ عُبودِيَّتِنا بِحالِهِ المُساويَةِ للهِ الآب. وَوَحَّدَ الطَبيعَتين بِحَيث إنَّ السُّفلى لا تزولُ عِندَما تَتَمَجَّدُ، ولا العُليا تَنقُصُ عِندَما تَنْدَمِجُ بِها.

 

 

وَعَليه، أيُّها الأخْوَةُ الأحِبّاء، فلنشْكُرِ الله الآبَ بِابْنِهِ في الرُّوحِ القُدُس، لأنّهُ تَحَنَّن عَلينا بِرَحْمَتِهِ العَظيمَةِ وَمَحَبَّتِهِ لنا. ولمَّا كُنا أمواتاً بِخَطايانا أعادَ إلينا الحَياة في المَسيح، حتّى يَجْبُلـَـنا وَيَخْلـُـقـَـنا مِنْ جَديد... تنَبَّهْ، أيُّها المَسيحيُّ إلى عَظَمَتِك، وَبِما أنّك تُشارِكُ الطبيعَة الإلهيَّة فلا تَعُدْ أبداً إلى ضَلالِ سُلوكِكَ الماضي، بَلْ تذكَّرْ مَنْ هُوَ رأسُكَ وفي أيِّ جِسْمٍ أنْتَ عُضْوٌ. تذكَّر أنّكَ انتُشِلتَ مِنْ شِدَّةِ الظلمَةِ ونُقِلتَ إلى النّور، إلى مَلكوتِ الله.

 

 

 

بِسِرِّ المَعموديَّةِ أصْبَحْتَ هيكلاً لِلرُّوحِ القُدُس. فاحْذَرْ أنْ تَطـْرُدَ ذلِكَ الضَّيفَ الكَبيرَ بِأعْمالِك السَّيِّئة، وتَعودَ إلى سُلطةِ الشّيطان. ثمَنُ خَلاصِك دَمُ المَسيح. فهو الذي سَيَدينُكَ حَقّاً وهُوَ الذي افتداكَ بِرَحْمَتِهِ.

 

 

 

القِدِّيسِ البابا لاوُن الكَبير (+461)