أهَمِّيَّة الحَالَةِ الرُهْبانِيَّة

القوت اليومي

أهَمِّيَّة الحَالَةِ الرُهْبانِيَّة



   يَبْدو اعْتِناقُ المَشوراتِ الإنْجيليَّةِ كَعَلامَةٍ مِنْ شَأنِها أنْ تَجْذِبَ جَميعَ أعْضاءِ الكنيسَة، بَلْ أنْ تَدْفَعَهُمْ إلى تَتْميمِ واجِباتِ دَعْوَتِهِمِ المَسيحيَّة.


فبِما أنَّ شَعْبَ اللهِ ليْسَ لهُ هُنا مَدينَةٌ باقية، بَلْ يَسْعى إلى الآتِيَة : فإنَّ الحَالة الرُهْبانيَّة، التي تَجْعَلُ أتْباعَها أكثرَ حُرِيَّةً تُجاهَ هُمُومِ الأرْض، تُظْهِرُ بِمَزيدٍ مِنَ الجَلاءِ لِجَميعِ المُؤمِنينَ أنَّ الخُيورَ السَماوِيَّةَ حاضِرَةٌ في هذا العالم، وَتُؤدِّي شَهادَةً لِلحَياةِ الجَديدَةِ الأبَدِيَّة التي اقتَناها المَسيحُ الفادي، وَتُبَشِّرُ بالقيامَةِ الآتيةِ وَبِمَجْدِ المَلَكوتِ السَماوِيّ.


وإنَّ الحَالةَ الرُهْبانيَّةَ تَمْتَثِلُ، على النَحْوِ عَيْنِهِ، امْتِثالاً أحْرَص، وَتُمَثِّلُ في الكَنيسَةِ تَمْثيلاً دائِماً الخُطَّةَ التي اعْتَنَقها ابْنُ اللهِ في حَياتِهِ، عِنْدَما أتى إلى العالَمِ لِيَعْمَلَ مَشيئةَ الآب، وَالتي أشارَ بِها على التَلاميذِ الذين تَبِعُوه.


وهذِهِ الحالَةُ تَدُلُّ أخيراً دَلالةً خاصَّةً، على سُمُوِّ مَلكوتِ اللهِ فوقَ جَميعِ أُمورِ الأرْض، وَعلى بُعْدِ مَدى مُقتَضَياتِه، كما أنَّها تُبَرْهِنُ لِجَميعِ النّاسِ على عَظَمَةِ فضيلَةِ المَسيحِ الفائِقةِ إذا ما بَسَطَ مُلكَهُ، وَعلى قُدْرَةِ الروحِ القُدُسِ اللامُتَناهِيَةِ التي تَفْعَلُ في الكَنيسَةِ فِعْلَها العَجيب.


    فالحالةُ القائِمَةُ باعْتِناقِ المَشوراتِ الإنْجيليَّة، وَإنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ صُلْبِ الكَنيسَةِ المَبْنِيَّةِ على السُّلْطَة، هِيَ مُتَّصِلَةٌ اتِّصالاً وَثيقاً بِحَياتِها وَقداسَتِها.


(دستور عقائدي في الكنيسة ، 44 )

مِنْ وَثائِقِ المَجْمعِ الفاتيكاني الثّاني المَسْكوني